البقاع يودع شهيده علي إسماعيل… رحل قبل أن يحقق حلمه بارتداء ابنه البزة العسكرية
أبت الطبيعة إلا أن تودع شهيد الجيش اللبناني ابن بريتال علي اسماعيل بنفناف أبيض كلون كفنه الأبيض لتدل على طهارة قلبه وإيمانه بوطنه. فنعش علي لف بالعلم اللبناني الذي تخضّب بلون دمه الأحمر وبذته الخضراء وبكفنه الأبيض ليحمل بكل صدق معاني العلم والمؤسسة التي لطالما تغنى بانتمائه إليها، والحلم الذي لم يفارق خياله الدائم بأن ينتمي ولده ابن (٤ أعوام) أيضاً إلى هذه المؤسسة، كما كانت تردد والدته المكلومة أمام نعشه داخل منزلها في بلدة بريتال حيث أصرت أن يزور منزل والديه ومنزله للوداع الأخير.
الكل يواسي أبو علي بكلمة واحدة “الحمدلله” فيما الوالد الذي أضناه الحزن يحكي عن الطاعة (التي كان يوليها له ولوالدته وجده رئيس البلدية السابق على غنام اسماعيل) كان فخره أكبر من الشهادة حيث يؤكد للجميع أن بلدته بريتال رفعت صورة ولده الشهيد علي والتي طالما اتهمت بالبلدة الخارجة عن القانون، ودماء علي اليوم أكدت وطنيتها ووقوف أبنائها بوجه المخلين بالأمن وهو ما يجب أن يفخر به إلى جانب الفخر بالشهادة.
إلى جانب الحسينية حيث غرفة النساء الجميع متشح بالسواد. لا كلام لزوجته، فكل دمعة مقابل ألف كلمة تحضن ولديها أكبرهما ٤ سنوات والدموع تملأ عينيها وحتى الساعة لا تصدق موته، فهو من كان يحدثها قبل ساعات ويطمئن عن مدرسة ابنه معبراً عن فرحته لدخول ولده المدرسة ويخطط لدخول ابنته التي لم تكمل العام.
والدته ريما تتكئ على النعش صابرة على فقدان ولدها وطوال الوقت ترفع يديها وتغمغم بالدعاء لولدها البكر.
رهبة الموت وسط طقس مثلج عاصف تستقبلك عند مدخل البلدة وصولاً إلى حسينيتها وسط البلدة ويستقبلك الأهالي بدمعات حارة على شاب أردته يد الغدر ويجمع الجميع على أخلاقه العالية ومحبته لوطنه وبلدته وأهله. لا شيء في البلدة سوى الصمت والحزن العميق المطالب أن لا تذهب دماء علي ورفيقيه الشهداء اللذين سقطا معه ومن سقط قبله سدا بل تكون حافزاً أكبر للتشديد بفرض الأمن من قبل المؤسسة العسكرية.
المصدر: النهار