العام الدراسي مهدّد .. الأساتذة من دون رواتب ومستقبل التلاميذ الى المجهول!
العام الدراسي مهدّد… الأساتذة من دون رواتب ومستقبل التلاميذ الى المجهول!
الأزمة تشتد. ولعل أكثر فصولها خوفاً هي الجزء المتعلق بالجانب المالي. خوف على المدخرات، وما بقي من وظائف تتقلّص يوماً بعد يوم، وصولاً الى ارتفاع أسعار المواد الأساسية.
لكن، هل من التفت إلى وضع القطاع التعليمي في ظل ما يجري؟ من المرجّح، أن خبراً حول مدرسة لبنانية خاصة اليوم، سيتحول إلى سلسلة من الأخبار عن مدارس أخرى في طول البلاد وعرضها.
الخبر المتداول عن مدرسة “القلبين الأقدسين” منذ أيام، سنشهد مثيلاً له في الفترة المقبلة. صحيح أن إدارة المدرسة بفرعها القائم في كفرحباب تراجعت عن قرارها بالإقفال، لكن الأزمة تستمر من دون أي حلول في الأفق. وهذا يجعل الحلول تتخذ صفة المؤقتة، ما يعني أن القطاع التعليمي الخاص سيدخل في مرحلة حرجة.
للمشكلة الحاصلة اليوم أكثر من جانب، تقع مسؤولية جزء منها على أهالي الطلاب وإدارات المدارس، وإن كان الوضع الإقتصادي هو العامل الأساس.
فقد دعا “اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة في لبنان”، لجان الأهل وممثليها في الهيئات المالية وأهالي الطلاب في المدارس الخاصة إلى “الإمتناع عن تسديد أي قسط مدرسي يُرسل بعد القسط الأول لهذا العام، قبل صدور الموازنة السنوية وموافقة لجنة الأهل والوزارة عليها، والإمتناع كذلك، عن توقيع أي موازنة غير تقشفية، حتى أبعد حدود، والإنتباه إلى أن أي تخفيض في رواتب المعلمين في حال تم، سيؤثر على الموازنة المدرسية، مخفضاً إياها بشكل كبير”.
الأهالي دعوا المدارس أيضاً إلى “حصر النفقات الإدارية فقط في الخدمات الأساسية، والإمتناع عن توقيع أي موازنة قبل دراستها والتدقيق في الأرقام وهي حقوق أقرها القانون، واتخاذ كافة الإجراءات، لحماية الأهل من أي إجراء يمكن أن يتخذ بحقهم أو بحق أولادهم، ناتج عن الضائقة المالية والإقتصادية التي تمر بها البلاد، وإلزام المدارس إعتماد الأقساط بالليرة اللبنانية حصرا، أو إعتماد سعر الصرف الرسمي للدولار”.
دعوات لجان الأهالي محقة. وربما حصول الإنتفاضة جعل بعضهم يرفع الصوت عالياً، تجاه ما كان يهمس به لسنوات خلت حول الفاتورة الضخمة التي تتكبدها العائلات لتعليم أولادها في المدارس الخاصة.
لكن هذه الدعوة، على أحقيتها، تخص من يعانون من تلك الفاتورة فعلاً. لكن يبدو أن قرار بعض لجان الأهالي الإمتناع عن دفع المتوجب عليهم من أقساط وغيرها، يتسم بإعتباطية ومزاجية لا تصب في مصلحة أولادهم أولاً ولا الطاقم التعليمي في المدارس، إذ يقول أكثر من مصدر إن بعض الأهالي قرروا الإعتكاف عن تسديد ما عليهم، بعضهم بسبب الوضع المعيشي، لكن البعض الآخر “نكاية” بإدارات المدارس رغم أن الاموال تتوفر لديهم.
هذا الأمر انعكس بشكل سلبي جداً على الأساتذة، حيث تعمد المدارس والحال هذه، الى تقليص الرواتب وربما تتخلى عن عدد منهم إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
علماً أن المعلمين والمعلمات يرفضون المس برواتبهم، وهم الذين اضطروا للعمل في أيام العطلة الأسبوعية ليعوضوا على الطلاب ما فاتهم نتيجة إقفال المدارس أبوابها طوال فترة الإنتفاضة. وهم يقعون ضحية جشع بعض إدارات المدارس التي من المستبعد أن تبدي أي نية للتقليص من أرباحها، لتستمر دورة الحياة التعليمية، بل تلجأ الى حرمان عائلات كوارد تعليمية من حقوقها بالعيش الكريم.
في المحصلة، تبقى الحلقة الأضعف، التلاميذ والتلميذات. ذلك أن إضراب المعلمين، أو تقاعس وعدم قدرة الأهل على دفع الأقساط، ثم قرار بعض المدارس لاحقاً إقفال أبوابها، يعني أن جيلاً من اللبنانيين سيكون خارج التعليم. كأنها حرب ولكن لا حرب فعلية. والأسوأ إدخال الأطفال في سجالات لا تعنيهم، حول كل المشاكل والتفاصيل الآنفة الذكر.
المطلوب في هذه المرحلة هو التحلي بالمسؤولية الإجتماعية. وهذا يرتب على طرفين أساسيين التصرف بمنطق العقل والإنسانية. الطرف الأول هو المدرسة، والمطلوب منها إعادة النظر بالأقساط، وإعداد موازنة خالية من “النهب” بحجج واهية، ومراعاة الأزمة المالية لآلاف الأسر، والحفاظ على كادرها التعليمي لأن عائلات تقف خلفه أيضاً وليس مجرد مجموعة من الآلات. أما الطرف الثاني، فهو الأهل، والحري بهم دفع المتوجب عليهم لاستكمال العام الدراسي، والشعور بأن عائلات أخرى مهددة بالجوع، أي عائلات الأساتذة والمعلمين، مع الإحتفاظ بحقهم بموازنة ملائمة للتطورات الوضع الإقتصادي. أما الأهم، فهو الإلتفات الى مستقبل أولادهم، وحاجتهم اليوم قبل الغد، للعودة الى مقاعد الدراسة.
المصدر: لبنان 24