الغالونات وشحّ مخزون الطحين والأدوية… ماذا بعد؟
غالونات البنزين بألوانها وأشكالها كافة، اصطفت أمس الأول لتزاحم طوابير السيارات أمام محطات الوقود. أزمة الرغيف المرتقبة لاحت في الأفق بسبب نقص مخزون الطحين. بعض المصارف عمد الى إيقاف صرافاته الآلية عن العمل باعتبارها ليست في الخدمة، وبنوك اخرى حدّدت سقفاً لقيمة سحب العملة الأجنبية. في حين أن قسما آخر أقدم على وقف خدمة السحب بالدولار وإعتماد الأنظمة الأوروبية التي تحصر الأموال المتواجدة في الـATM بالعملة الوطنية. وفي الختام أزمة دواء بدأت تقرع طبولها، اذا لم تحلّ أزمة سعر صرف الدولار.
غالونات البنزين بألوانها وأشكالها كافة، اصطفت أمس الأول لتزاحم طوابير السيارات أمام محطات الوقود. أزمة الرغيف المرتقبة لاحت في الأفق بسبب نقص مخزون الطحين. بعض المصارف عمد الى إيقاف صرافاته الآلية عن العمل باعتبارها ليست في الخدمة، وبنوك اخرى حدّدت سقفاً لقيمة سحب العملة الأجنبية. في حين أن قسما آخر أقدم على وقف خدمة السحب بالدولار وإعتماد الأنظمة الأوروبية التي تحصر الأموال المتواجدة في الـATM بالعملة الوطنية. وفي الختام أزمة دواء بدأت تقرع طبولها، اذا لم تحلّ أزمة سعر صرف الدولار.
ما ينقصنا في خضم هذه المشهدية، هو صفير الصواريخ (لا سمح الله) والأخبار العاجلة على الراديوات والتلفزيونات، والأناشيد الوطنية التي تقاطعها، و”كرتونة الملجأ” من معلبات وشموع وشاي وسكّر… فمن عايش حرب التسعينات يسترجع هذا المشهد الذي يتكرر اليوم، ويتذّكر كيف تدخّل حينها مصرف لبنان وحدّد متوسط سعر صرف الدولار على 1507.5 ليرات ليحافظ على استقرار الليرة اللبنانية.
فوضى محطات البنزين وطوابير السيارات التي اصطفت أمس الأول وما استتبعها من “حَلش” بين المنتظرين بالصفّ بسبب تجاوز أحدهم دور الآخر، واصطفاف “قناني البلاستيك” لتخزين البنزين لليوم الأسود…، منظر مضحك مبكٍ.
مضحك لأن آراء أصحاب المحطات تباين بين مؤيّد للإضراب، لا سيما سامي البراكس رئيس نقابة اصحاب محطات المحروقات، وبين معارض من قبل ممثّل شركات موزّعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا، الذي أعلن أن المحطات لن تُضرب (أمس) بل ستتخذ قرارها “بعد الإجتماع الذي سيحصل بين رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري للوصول الى حلّ لمعضلة سعر صرف الدولار”.
ومبكٍ، لأن المواطنين “أُخذوا” بالشائعات وبالتهويلات وهرعوا “لتفويل” سياراتهم بالوقود… متناسين أننا لسنا في حالة حرب وأصحاب المحروقات لن يقفلوا باب رزقهم ويتكبدوا خسائر وأن الحلّ الآني آت”.
وبالعودة الى “الهجوم” الذي حصل على المحطات مساء أمس الأول وامتد لصبيحة أمس، تبعه هدوء مسيطر ظهر أمس على محطات البنزين التي بدت فارغة من روادها. فالمخزون في البيوت وفي السيارات والذي فاق الحاجة لفترة اسبوع أو اسبوعين، جاء ليضاف الى العملة الصعبة التي “يكدّسها” اللبنانيون في الخزانات والأدراج”.
فنسبة المستهلكين الذين يسددون بالدولار لدى محطات المحروقات أصبحت 4% في حين أنها كانت 40% قبل الأزمة، الأمر الذي جعل أصحاب المحطات والصهاريج وشركات التوزيع يرفعون الصوت عالياً لأنهم يسدّدون ثمن المحروقات المستوردة بالدولار ما يضطرهم الى اللجوء الى الصيارفة الذين وصل سعر صرف الدولار لديهم الى 1620 ليرة، الأمر الذي لم نشهده منذ سنوات طوال تعود الى التسعينات.
ولم يستكن أصحاب المحطات والشركات المستوردة لرفع الصوت قبيل إعلان مصرف لبنان إصدار تعميم تنظيمي للمحروقات والدواء والطحين يوم الثلثاء المقبل.
هذه القطاعات الثلاثة هي لبّ الموضوع، عدا الصيارفة طبعاً، الذين يرفضون تسمية “السوق السوداء” لعملية الصرف التي يقومون بها بل يصرّون على عبارة “السوق الموازية” وفقاً للعرض والطلب، وهم يحققون الأرباح الطائلة من هذا الأمر كون المشكلة ليست “أزمة دولار” فحسب، بل نتيجة سياسة إقتصادية ومالية وتراجع نمو وجمود وفساد وهدر… معتمدة منذ سنوات طوال.
إغلاق محلات الخلوي
الى ذلك استنكر أصحاب محلات الخلوي بدورهم عدم إدراجهم ضمن القطاعات التي ستشملهم الحلول لمشكلة البطاقات التي تباع بالدولار ويسدد المواطنون ثمنها بالليرة. فسارع تجمع أصحاب محلات الخلوي أمس الى تسجيل اعتراضهم وأعلنوا “إغلاق محلاتهم حتى اشعار آخر وأقله 4 ايام بدءاً من يوم الاثنين الواقع فيه 30 ايلول 2019، وللراغبين بعدم إغلاق محلاتهم، نرجو الإنقطاع عن شراء المنتوجات من بطاقات تشريج وأجهزة.
ومساء أمس وبعد انتهاء الإجتماع بين نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان برئاسة النقيب البراكس والرئيس الحريري جاءت المفاجأة. إذ تمّ التوصّل إلى حلّ في ما خص الإضراب، وأعلن البراكس: “كنا قد تسرعنا في الإعلان عن الإضراب مساء أمس (أمس الأول)، واتفقنا مع الرئيس أن نستلم كمحطات وموزعين المحروقات بالليرة اللبنانية”.
وكانت نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان، قررت في بيان أصدرته إثر اجتماع تشاوري عقدته صباح أمس، تعليق الاضراب أمس الجمعة على ان تعاود الاجتماع صباح اليوم لتحديد موقفها النهائي من الاجراءات والقرارات المتخذة.
من جانبه، شرح رئيس اتحاد نقابات العاملين في قطاع الغاز والتنقيب في لبنان مارون الخولي، “أن ازمة البنزين على طريق الحل النهائي، إذ تعمل وزارة الطاقة ومصرف لبنان على تقدير الكميات المطلوبة شهرياً من مادة البنزين ليصار الى حجز المبالغ وايجاد الآلية التي يجب اتباعها من قبل مستوردي النفط لاستبدال العملة اللبنانية بالدولار الاميركي، وبالتالي لن تكون هناك مشكلة في استيفاء المحطات من المواطنين سعر البنزين بالليرة اللبنانية، بحيث ستتأمن من خلال هذه التعاميم الصادرة من مصرف لبنان للمصارف، بتغطية كافة المبالغ المطلوب صرفها من الليرة اللبنانية الى الدولار الاميركي لمستوردي النفط والغاز”.
حلّ، نأمل ألا يكون موقتاً لأصحاب المحروقات وأن تستتبعه إصلاحات جذرية لاقتصاد ومالية ترزح تحت وطأة الفساد والهدر، ما يعيد الثقة ومعها الأموال البالغة ملياراً ونصف المليار دولار القابعة في المنازل والتي أخرجت من المصارف، عدا عن تلك التي هرّبت الى الخارج…