الإعلامي في قناة الميادين محمد الفهد ينعى طفله “عيسى” عندما عدنا بك ملفوفا بكيس أزرق كنت أناديك أن تنطق وأقول “أكيد أنت نائم”

ولدي وفلذة كبدي سارثيك رغم فقداني لجرأة الكتابة

كنت اعد ايامك قبل ان تضيء حياتنا ، يوماً بيوم ، حفظت اسمك مبكراً ، ورأيت ملامحك مبكراً
قدومك كان فرحةً لم اعيشها من قبل بكل السعادات القليلة جداً التي مرت
كنت لا افوت دقيقة وانا في البيت الا وامعن النظر في محياك ، وهنا بدأت اراقب جسد الذي بدأ كزهرة تتفتح كل صباح ،

عيسى بني ، كنت احسب الاياك كي تبتسم ، وفعلا وبعد محاولات اعطيتنا ابتسامة للمرة الاولى ، كانت في الشهر والنصف الاول ، كادت الارض ان لاتحمل سعادتي العميقة
ثم اصبح ثغرك باسماً باستمرار في الخمسة عشراً يوماً الماضية بمجرد ان اطل برأسي على مهدك
بني عيسى ، لا اخفيك سراً انني استبقت عمرك والاقدار وبدأت ارسم بمخيلتي كيف سنصبح اصدقاء ، وكيف سنلبس في بعض المناسبات الزي الموحد انا وانت

بني كنت قد قررت دون ان تعلم او يعلم احد ، ماهو الزي الذي ستلبسه في عيد ميلادك الاول ، ومن الان بدأ التخطيط لهذا الحدث الذي اراه ليس عادي
بني ، اعترف لك وللناس بان تعلقي بك اصبح حد الجنون ، هنالك رائحة لامثيل لها ، خلف اذنيك ادمنت عليها ، وفي بعض المرات كنت اتمادى في تقبيلك رغم انهم يقولون بانه غير صحي
بني عيسى، كنت لا افوت اي يوم من الستين التي ستبيى عالقة في ذهني الا واصبح عليك واودعك عندما اذهب الى عملي ، وعندما اعود لا ارى شيء سوى صورتك فأهرول مسرعاً نحوك وقبل كل شيء لاقبلك ، وهنا ينزاح كل التعب والهموم
بني ، كنت خائفاً جداً لا اعرف كيف ، بالي طوال اليوم مشدود عندك واوصي زوجتي بك باستمرار ، حتى انني اصبحت اخاف عليك من الهواء
لم يكن بمخيلتي ، ان تنقطع سلسلة الامل التي عشتها ، وكيف ستكبر امام عيني يوما بعد يوم ، وتنادي “بابا”
ولدي عيسى ، عندما قدمت الى الدنيا ثقل حملي ومسؤوليتي، كيف ساربيك ، وكيف سانقذك من هذا الواقع ، فكرت بالهجرة كي اجعلك تعيش بعيداً عن الاقدار ، وفكرت بالسكن في مكان جديد او على الاقل ملائم كي اوفر النزر اليسير مما تستحق
كنت اتحدث مع زملائي واخوتي عن مستقبل اطفالنا ، وكيف اصبحنا نعمل ونتعب ونتحمل من اجلهم هم ، ونشكو ونحزن من المستقبل المجهول الذي نعيش ، وكيف ستكون حياتكم بعد ان خسرنا شبابنا تقريبا في هذا الواقع المعقد
بني عيسى ، وقبل ان اصدم بالفاجعة ، كنت مشتاق لك ، وكعادتي متى مافتحت عيني انهض من فراشي ، واتلمس خديك الناعمتين ، وامسك بيديك ثم انام .
بني ، ذلك المشهد المرعب الذي لن انساه كان بالنسبة لي حلم قلت انا احلم نعم احلم بان ذلك الطير الابيض الذي يرفرف بجناحيه كلما تلمسته ، اراه شاحباً وتحول الى اللون الازرق ، ويسيل الدم من انفه ،
بني هل سمعت تلك الصرخة التي هزت الغرفة ! هل لاحظت كيف تحولت الى شخص بلا عقل ، لكن لم ينقطع املي ، كلمتك كثيرا وانا اقود سيارتي بسرعة جنونية لم اجربها من قبل !
بني محاولات الاطبا ء لاعادة الروح لك كانت انفاسي تتقطع مع كل محاولة ، انا متأكد انك سمعت صوتي وانا اقول وليدي عيسى ، بابا يله تنفس ، بابا شايف هسه من تتنفس لو تبجي ، ساطير من الفرح ، ساحتفل ،
بني ، لا اخفيك سرا عندما قالو البقاء في حياتك انحنى ظهري ، وذهب نظري ، وتيبس لساني ، حتى حلقت مع روحك لفترة ، ثم عاد الي الوعي ، وهنا بدأ النحيب ، واي نحيب ، ابكى من لايعرفوك ولم يشعرو مابداخلي ،

بني ، عندما عدنا بك ملفوفا بكيس ازرق ، كنت اتحدث معك واقول بني انطق ، تنفس ، هل لفوك وانت حي ، كل دقيقة اضع اصبعي على صدرك واقول باباتي حبيبي اكيد انت نايم ، هسه تتحرك ، ولكن؟؟؟؟
ذهب عيسى وذهب معه سنين من العمر ،
اخر وداع لك ولدي ، لوحت بيدي عندما هالو التراب عليك ، وداعا وليدي انها اللحظة القاصمة وهنا تأكدت بانك فعلاً الى مثواك الاخير
بني انا الان اجلس مكسورا قرب مهدك

شارك المقال:

زر الذهاب إلى الأعلى