المال يستر رذيلة الأغنياء، والفقر بغطي فضيلة الفقراء
تقرير علي صلوب
الفقر من أكثر المشاكل والتحديّات التي يُواجهها الإنسان في حياته، لأنّه يجعله في حالة عوزٍ دائم، ولا يستطيع تلبية أدنى احتياجاته حتى الضرورية منها، ولهذا يُعدّ الفقر من أعظم الابتلاءات في الحياة، خصوصًا أن الفقير قد يشعر بالجوع والعطش ولا يستطيع أن يجد ما يسدّ رمقه، كما يشعر بالعجز والمرض ولا يستطيع شراء الدواء بسبب فقره، لهذا كان الإمام علي بن أبي طالب يقول دائمًا: “لو كان الفقر رجلًا لقتلته”، والفقر ليس مجرّد حالة فردية في المجتمع، بل قد يُصيب أُسر وعائلات ممتدة ومجتمعات، كما قد يُصيب دولًا بأكملها فلا تستطيع أن تُوفر لمواطنيها أقل الخدمات. يحتاج الفقر إلى تكاتف الجهود الدولية للتقليل منه، ويكون هذا بمساعدة الدول الغنية للدول الفقيرة، وتحسين معيشة المواطنين فيها وتلبية احتياجاتهم، وبناء المستشفيات والمدارس والمراكز الصحية والجامعات، كما يجب توفير فرص عمل للجميع؛ لأنّ العمل يدرأ الفقر عن صاحبه، ويمنحه سببًا للرزق، كما يجب تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء بفرض ضرائب على الأغنياء وإلزامهم بدفع زكاة أموالهم للفقراء لأنها حقٌ لهم، وهذا بالضبط ما جاء به الإسلام، حيث جعل للفقراء والمساكين حقٌ في أموال الأغنياء، وهو حقٌ ملزم وليس مجرّد تخيير. الفقر يجعل الفقير يرى أبناءه ينظرون إلى الأشياء ولا يستطيعون امتلاكها، فيتسلل الحزن إلى قلبه، كما يجعل الحياة أكثر صعوبة، لأنّه يُسبب قلة الحيلة، فيضطر الفقير لبذل مجهودٍ أكبر في الوصول على الأشياء، فالفقير لديه مساحاتٌ محدودة من الرفاهية إن لم تكن معدومة، لذلك يجد نفسه محاصرّا بالضغوط المادية والديون، وعاجزًا عن تلبية ما يُريد، وهذا يتطلب منه الصبر، والله تعالى لن يُضيع أجر الفقير الذي يصبر على الحاجة ولا يمدّ يده إلى أموال الحرام، لكن في الوقت نفسه على الفقير أن يسعى في طلب الرزق، وأن يُحاول الحضول على المال الحلال بمختلف الطرق المتاحة، دون أن يكون مضطرًا لمدّ يده للناس ليطلب منهم العون والمساعدة. الفقر ليس عيبًا، والفقراء أشخاصٌ يستحقون العيش في ظروفٍ أفضل مثلهم مثل غيرهم، لذلك يجب أن يكون المجتمع متكافلًا، وأن تتوفّر للفقراء فرصة العلاج والدراسة والتنقل مثلهم مثل غيرهم، وهذا حقٌ لهم مُعلقٌ في رقاب الأغنياء وفي رقاب الدول الغنية، فالإنسان عونٌ لأخيه الإنسان، ومن يتخلى عن دعم أخيه الإنسان يكون مفتقدًا لإنسانيته ومقصرّا في حقّ ربه؛ لأن الله تعالى أوصى بالفقراء، فالغنى ابتلاء مثل الفقر تمامًا، ليرى الله تعالى إن كانوا سُيساعدون الفقراء أم لا.