لا تؤشر المعطيات القادمة من سوريا بفرجٍ قريب لحل أزمة النازحين ويؤكد زوار العاصمة دمشق أن عودة هؤلاء الى حضن الوطن بعيدة وتثير الكثير من المخاوف عند الدولة السورية
والأسباب التي تدفع لهذا الاعتقاد لا تتصل بالقرارات السياسية والقانونية التي يتخذها النظام والتي من شأنها أن ‘تعرقل ‘ كما يرى البعض عملية العودة ‘الآمنة’ للسوريين الى بلدهم فحسب، بل هي أعمق من ذلك وتتصل بالبنية الاقتصادية للمجتمع السوري وآثار الحرب التي أنتجت هوة بين الطبقات الاجتماعية، وسط جمودٍ اقتصاديٍ كبير ضرب قطاعات الإنتاج الحيوية في سورية.
وإزاء هذا الواقع تكمن المخاوف من هجرة معاكسة جديدة من سوريا الى لبنان نتيجة الظروف الصعبة التي يعيشها قسم كبير من الشباب السوري لاسيما اولئك الذين سُرّحوا من الخدمة العسكرية، أو طلاب الجامعات الذين يتخرجون بالآلاف ولم يجدوا فرص عمل في بلادهم، فهؤلاء يحاولون الهجرة الى اوروبا أو كندا وقسم آخر يُفضل البقاء في سوريا والعمل في البلدان المجاورة لاسيما تركيا لبنان والاردن.
في لبنان، يبدو الأمر أكثر سهولة للشباب السوري الطامح لكسب الاموال وتحويلها الى بلاده، فيما يلعب ‘سيدر’ دورا محورياً ‘للطامحين’ بأن يأخذوا صفة ‘نازح’ في لبنان فتُطبق عليهم قوانين ‘الرعاية الدولية’ مع المشاريع الجديدة الآتية من المؤتمر والتي تشدد على ضرورة توظيف السوريين في أي مشروع قد يُمول من قبل الدول الراعية.
ويأتي تعزيز المنظمات غير الحكومية أو ما يُعرف بال ‘NGO’ ليدعم وجهة النظر هذه، اذ تعمد تلك المؤسسات الى الاستعانة بالخبرات السورية وتستبعد اللبنانيين، لاسيما وأن دور هذه المؤسسات سيتعزز في المرحلة المقبلة اذ أن اموال ‘سيدر’ ستكون من حصتها خصوصاً في قطاع التعليم وفي المؤسسات التابعة للشؤون الاجتماعية، بعد أن حُيدت وزارة الصحة من الدعم الغربي على خلفية سياسية باتت معروفة.
كل هذه الامور ستلعب الدور المساعد لتحفيز النازح السوري على البقاء في لبنان، وتُشكل ايضا عنصر جذب للمقيم في سوريا للمجيء الى هنا والعمل في ربوع ‘بلاد الأرز’، في حين ‘نتلهى’ نحن بالسجالات حول كيفية عودة النازح وما إذا كانت ‘ آمنة’ أو ‘طوعية’، أما في أجندة الدول الكبرى فكلامٌ آخر لا ‘يُصرف’ في المهاترات السياسية اللبنانية.