نيسان 96 .. الذاكرة التي لا تُنسى

وفاء عساف

من مذكرات الاعتداءات الإسرائيلية على مدار عهود من الزمن ، يبقى نيسان 1996 حاضراً في ذاكرة اللبنانيين وقد شهدوا عدواناً دموياً في سلسلة من المواجهات مع أعتى وأشد آلات الحرب الصهيونية، حينها أطلق العدو على عمليته العسكرية الواسعة ضد لبنان مسمى «عناقيد الغضب»، في محاولة لاستهداف البيئة الحاضنة للمقاومة والنيل منها وإخضاعها للمشروع الصهيوني التوسعي.

في بداية احتلال العدو الإسرائيلي للجنوب اللبناني، تم فصل خط المواجهة بين المقاومة والاحتلال بشريط شائك شهد العديد من العمليات النوعية بعد أن طوّرت المقاومة من أدواتها وتكتيكاتها وأساليبها، رداً على الحصار الأمني وتنفيذ الاغتيالات بحق قادتها في ذلك الحين.

ومع كل ما سبق، لم تضعف المقاومة ولم تهن، بل واصلت هجومها وعملياتها النوعية ما جعل العدو الإسرائيلي يشن عدواناً واسع النطاق في 11 نيسان 1996، وصبّ عناقيد غضبه وارهابه مستهدفاً المدنيين والأطفال في الجنوب اللبناني بالقصف والتدمير والتهجير، فكانت مجزرة المنصوري ثم مجزرة قانا التي أفجعت وهزّت الضمير الإنساني العالمي و شكلت صدمة للمجتمع الدولي.

كانت اهداف العدوان الإسرائيلي القضاء على المقاومة وإنهاء قدراتها وقوتها، وفرض سيطرة العدو ضمن معادلة ردع جديدة. لكن ثبات المقاومة وصبرها واستمرار توجيه الضربات لكيانها الغاصب بإطلاق صواريخ الكاتيوشا على مستوطناتها، وكسر قواعد الاشتباك المعتاد ،أجبر العدو على التراجع والانكفاء.

بحجم هذا الثبات الذي فاجأ العدو على المستويين السياسي والعسكري، أدى إلى «تفاهم نيسان»، وهو اتفاقية عقدت برعاية دولية غير مباشرة، تنصّ على تحييد المدنيين الأبرياء من الطرفين، وقد فرضت المقاومة معادلة جديدة: استهداف المدنيين الللبنانيين سيقابله الرد أيضاً باستهداف المدنيين في الكيان الغاصب.

الآن، وبعد مضي 29 عاماً على عدوان نيسان، نستذكر تلك المرحلة المفصلية كشاهد بارز على أن العدو الصهيوني لا يفهم سوى بلغة المقاومة والقوة، ولا يردعه الا الإرادة والعزيمة الصلبة والتمسك بالحق والأرض وحماية السيادة وصون الكرامة.

شارك المقال:

زر الذهاب إلى الأعلى