ردًّا على مقال جريدة “نداء الوطن”: مدارس الثنائي الشيعي تحمي الهوية وتعزز التعددية
نادين خزعل
لبنان بلدٌ إعلامه حر وحق التعبير عن الرأي فيه مصان ولكن حين تتعدى الحرية الإعلامية أدنى ضوابط الحماية المجتمعية وتتبنى أوهامًا وخيالات وتقدمها للجمهور على أنها وقائع وتقوم بإثارة نعرات وتنطلق من محاولة تنميط صورة غير صحيحة وتشتيت الرأي العام فإن الرد يصبح واجبًا وموجبًا.
وبعد..
نشرت جريدة نداء الوطن مقالًا حمل عنوان: “تجهيل طائفة” ومما ورد فيه: “في مدارس الثنائي وجمعياته ومؤسساته التربوية لا تربية على المواطنية بل إهانة كرامة الإنسان الشيعي وتجهيل طائفة برمتها”.
المقال المجهول الأهمية، والمعروف الهدف، تضمن عدة مغالطات وإساءات هذا عدا عن كونه مزج بين التربية والسياسة دون وضوح أفق أو صحة ترابط.
سياسيًّا، وصف المقال حزب الله وحركة أمل بأنهما ثنائي غير ميثاقي، فهل يجهل كاتب المقال أن هذا الثنائي ممثل ميثاقيًّا ودستوريًّا في مجلس النواب وفي الحكومة؟ كما أنه ادعى أن رفض العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين الترحيب بالبعثات الأجنبية كان سبب انكفائها عن الجنوب والبقاع وهنا عليه إعادة قراءة التاريخ بشكل مفصل أكثر.

وصولًا إلى الطامة الكبرى تربويًّا، وهو قد أشار إلى مؤسسات أمل التربوية ومؤسسات السيد محمد حسين فضل الله ومؤسسات حزب الله بأنها تقوم بأخذ الهوية إلى صورتها الطائفية القصوى التي تتناقض مع الدستور والقانون وهنا أدعو كاتب المقال إلى الإطلاع على المرسوم 1436 الذي يحدد نظام فتح المدارس الخاصة والذي ينص على :
المادة 2: “يقصد بالمدرسة الخاصة كل مدرسة للتربية والتعليم يرأسها أو يقوم بشؤونها أفراد أو جمعيات أو هيئات دينية ولا تكون مشمولة بنظام خاص”.
المادة 13: “منهج التعليم في المدارس الخاصة،الوطنية والاجنبية، هو المنهج الرسمي.
ولكنه مع الاحتفاظ بالمستوى العلمي المحدد في كل مرحلة من مراحل ذاك المنهج، يحق لمديري هذه المدارس أن يختاروا الاساليب الفنية التي يرون مصلحة في اتباعها،وأن يضيفوا عليها مواضيع غير منصوص عنها في المنهج الرسمي.”
بناء عليه، عن أي مخالفة دستورية قانونية يتحدث؟
ويتابع الكاتب واصفًا مؤسسات الثنائي بأنها “تتناقض مع قيم المجتمع اللبناني القائمة على الانفتاح والحريات وغنى التنوع” فلعله لا يعلم أن طلاب هذه المدارس يحتفلون بولادة السيد عيسى “ع”، وأن إدارات هذه المدارس تنظم في عيد الميلاد زيارات لطلابها الى مدارس زملائهم من الطائفة المسيحية الكريمة ليعايدوهم، كما أنهم يرتادون الكنائس في كورالات مدرسية مشتركة تنشد عن الوطن والمواطنية والتعايش.

وبلغ سيل الافتراءات الزبى مع قوله: “في مدارس الثنائي وجمعياته ومؤسساته التربوية، لا تربية على المواطنية بل تعليم الجهل المقدّس وطمس الوعي ومصادرة إمرة النفس لدى الفرد وإهانة كرامة الإنسان الشيعي وتجهيل طائفة برمّتها”…
فعن أي جهل وأي طمس وأي تجهيل وأي إهانة يتحدث؟
هذه المؤسسات التربوية تقدم تعليمًا عالي الجودة، ومميزًا، وطلابها يحرزون المراتب الأولى في الامتحانات الرسمية وخريجوها يحققون نتائج باهرة في جامعاتهم ويتبوؤون مناصب هامة مردها تمتعهم بكفاءة وثقافة وسعة علم ومعرفة.
في هذه المؤسسات التربوية، ينشأ الطالب على حب الوطن، وعلى أن الدفاع عنه هو واجب وليس خيارًا، وتُزرع في نفوس الطلاب مبادىء الوحدة والتعايش واحترام الآخر ويتم تعزيز هوية مواطنة ومواطنية قائمة على الانفتاح الفكري والثقافي والعقائدي ناهيك عن اعتماد أساليب تعليمية حديثة توائم وتلائم التطور وتحفز الطالب على الإبداع والابتكار….
إذًا، في وطن ما زال يرزح تحت نير اعتداء اسرائيلي غاشم، وفي وطن يتسابق أعداؤه إلى شرذمته وتقسيمه، على الإعلام أن يكون جامعًا لا مفرقًا، موحِدًا لا مقسِّمًا وقبل كل ذلك، مطلعًا ومحيطًا قبل أن يرمي الاتهامات جزافًا، وعليه أن يكون ملبيًا لنداء الوطن بوعي وتنور وسعة اطلاع.