تأثير وسائل الإعلام على الهوية الثقافية للمجتمعات

إسراء وهبي

في ظل هذه الهجمة الثقافية الشرسة التي يتعرض لها مجتمعنا، والتي تعتمد على مجموعة متنوعة من وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، يلاحظ أن فئة الشباب هي الأكثر تأثراً وتفاعلاً مع تلك الأفكار الغربية المروج لها، فما السبب وراء ذلك؟

الشباب والبحث عن الهوية

تتميز فئة الشباب بالنشاط والحيوية ورغبتها الدائمة في إيجاد هويتها، مما يدفعها لتبني قضايا متعددة دون النظر الى معايير الصواب و الخطأ، لذلك نجدهم يتفاعلون مع المواضيع الجديدة بصورة سريعة.

ومع هذا الكم الهائل من المعلومات المضللة التي تبث عبر وسائل الإعلام والتواصل مستخدمةً أساليب الجذب والإبهار وركوب موجة الترند، ونظراً لطبيعة الفئة الشابة الباحثة عن القدوة، نرى أنهم أصبحوا يقلدون مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي الفاقدين للهوية الخاصة نتيجة، أفكارهم الخاطئة التبعية.

ومن مفاعيل تأثير وسائل الإعلام، برز في الآونة الأخيرة رغبة هذه الفئة في التحرر من عائلاتهم ودينهم ومعتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم، وذلك نتيجة للأفكار التي تم الترويج لها عبر هذه الوسائل، وعلى الأثر ظهرت الحرية باشكال جديدة وبحركات مختلفة وعلى سبيل المثال الحركة النسوية.

لنغوص أكثر فيما روج له عبر الإعلام من الرسائل التي تسعى لتغيير قناعات وبناء رأي عام جديد، ولنبقى في ذات المثال الذي تناولناه أعلاه وهو الحرية، برأيكم من أظهر لنا الحرية بهذا القالب، وهل فعلاً هذا المفهوم الذي مضينا على صحته هو فعلاً الحرية الحقيقية للشعوب أم هي تبعية بصورة منمقة؟

دور الاعلام في تلميع الرسائل المزيفة

يعتقد البعض أن أبهى صورة للحرية تجلت في المجتمع الغربي، هكذا اقنعونا عبر وسائل الإعلام، ولكن إذا خرجنا من بهو هذا الإبهار الذي شاهدناه، ونظرنا بعين العقل نرى أن حريتنا تنتهي عندما تتعارض مع أفكارهم، لذلك كل تصرف مناف لهذه الأفكار تخلع الحرية ثوبها الجميل وترينا وجها الحقيقي.

قيود الحرية في المجتمعات الغربية

ومن أبرز الامثلة هناك العديد من الدول الرائدة في مجال الحرية، تمنع الفتيات المحجبات من الدخول الى المدارس والجامعات ومن العمل أيضاً، ولا يمكن تخطي قيود وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى في بعض التطبيقات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، قد تُضاف تسميات على الأفكار التي تُقدم للباحث، وهو ما يعكس تضارب واضح بين مفهوم الحرية المعلن وممارسات الواقع.

مواجهة الغزو الثقافي

بهذا السياق ندرك الحاجة الى تعزيز الوعي عند فئة الشباب بمخاطر هذا الاحتدام الثقافي الذي نعيشه اليوم، وإعادة بلورة علاقتهم بوسائل الإعلام، بحيث تصبح وسيلة للتعبير عن ذواتهم وثقافاتهم بدلاً من أن يكونوا ضحايا لتلك الأفكار، ولأنهم هم ركيزة المجتمع وصناع الغد المشرق، ووعيهم وإدراكهم هو السبيل للحفاظ على هويتنا الثقافية.

أهمية المقاومة الثقافية

ختاماً يجب علينا جميعاً ان نتصدى لمواجهة هذه المشاكل، من خلال إحاطة الشباب والإجابة على استفساراتهم، وأن نكوّن البديل المبهر لهذه الثقافة، وكما أننا قاومنا الاعتداء العسكري على أراضينا وانتصرنا، يجب ان نقاوم هذا الاعتداء الثقافي الأشد خطورة من ذاك والانتصار به ايضاً، لأن الحفاظ على الارض يبدأ من صون الهوية.

شارك المقال:

زر الذهاب إلى الأعلى