وفاء بيضون | طبول حرب «نتنياهو» على لبنان جعجعة بلا طحين

كتبت الإعلامية وفاء بيضون في “اللواء “

ثمة رأي يستند إلى سير المواجهة بين المقاومة وجيش الاحتلال الإسرائيلي، بأن المواجهة المفتوحة على مصراعيها باتت تؤرق كيان العدو  قبل «حزب الله»؛ وأن على رئيس وزراء الكيان، النزول عن شجرة حربه التي باتت مشلعة الأغصان قبل إنزاله بفرض معادلة جديدة، أو تسوية سيقبلها شاء أم أبى بفعل صمود المقاومتين اللبنانية والفلسطينية. 

هناك، في الكيان الإسرائيلي، من يعتقد أن الفرصة والظروف متاحتان لشنّ حربٍ استباقية واسعة ضد «حزب الله» وقوته العسكرية في لبنان،  بعدما أتم، كما يزعم، ترتيب صفوف ألويته المهزومة في غزة وتجميع جنوده الفارين، ورفع معنوياتهم والإتيان بهم نحو جبهة الشمال الفلسطيني مع لبنان، فالجيش الاسرائيلي – وهذا الاعتقاد الذي يشكل مساحة اشكالية ونزاع فوق وتحت طاولة المجلس الوزاري الحربي الكابينيت – يستند بدوره على انهاء الجزء الكبير من عملياته العسكرية في غزة،  وسحب عدد من قواته التي كانت تشارك في المعارك مع حركة حماس وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ويمكن توجيهها نحو مواجهة المقاومة في لبنان بعدما أفرغت جميع المستوطنات الإسرائيلية من سكانها  على طول الحافة مع لبنان وفي شعاعٍ عمقه عشرة كيلومترات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

من هنا تنطلق شهية قادة العدو الإسرائيلي إلى توسيع رقعة المواجهة، مع علمهم المسبق بأن أي تحريك للجيش الإسرائيلي يعد مغامرة غير محسوبة النتائج؛ والتجربة في غزة ما زالت شاخصة في عقول عشرات آلاف الجنود المرعوبين  والمصدومين. هذا، بإلإضافة إلى من يرفض الحرب ضد لبنان في إسرائيل، والذين يعتبرون أن الجيش المنهك سيُمنى بهزيمةٍ ليس أقلّها ما حصل في حرب تموز عام 2006؛ وهذا ما يضع المؤسسة أمام استنزافٍ كبير يحتاج إلى أشهرٍ، وربما سنوات، للتعافي. ويرون أن إخلاء المستوطنات الشمالية ليس حلاً، لأن الحرب الواسعة مع «حزب الله» ستعني أن لا مكان آمن في كل كيان إسرائيل، لأنّ صواريخ المقاومة ستطال كل مساحتها حياً حياً ومدينة مدينة، كما يرون أن لا مكان لحرب استباقية، كون عامل المفاجأة قد سقط منذ الحادي عشر من تشرين الأول الفائت، يوم كان هناك نية إسرائيلية لشن عدوان كبير على لبنان .

الخبراء الاستراتيجيون يرون أن ما بين هذين الرأيين  سيستمر الواقع العسكري على ما هو عليه على الجبهة الجنوبية في لبنان، وسط مساع أميركية يقودها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين للوصول إلى حل دبلوماسي يمنع الحرب، وهو أي، هوكشتاين، خلال زيارته الأخيرة إلى تل أبيب، أجرى محادثات وصفها الإعلام الإسرائيلي بالإيجابية، حيث قال: «يوجد بوادر إيجابية للتهدئة بين إسرائيل و حزب الله»، بعد وساطة أميركية ما يطرح جملة اسئلة حول تلاقي هذه الأجواء مع ما قاله رئيس المجلس النيابي نبيه بري حول استعداد لبنان الكامل لتطبيق القرار 1701؟.

وبحسب  نفس المصادر، فإن  تصريح بري لا ينفصل عن الأجواء الإيجابيّة التي يتم ضخها في وسائل الإعلام الإسرائيليّة، خصوصاً بعد الزيارة التي قام بها مستشار الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين إلى تل أبيب في الأيام الماضية، حيث تؤكد مختلف المؤشرات أن هناك تقدماً في مكان ما، بالرغم من أن الأمور لم تصل إلى خواتيهما.
من هنا نصل الى الاستنتاج الواقعي بأن أمام نتنياهو  امراً واحدًا  لإنقاذ كيانه من تهديد وجودي مرفق بتدمير هائل في كل مرافقه اذا ما وقعت الحرب الكبرى مع المقاومة اللبنانية؛ وهو الخضوع والاعتراف بأن جيشه الذي وصف على مدى عقود بالجيش الذي لا يقهر بات قاب قوسين أو أدنى في حضيض الجيوش المترهلة، رغم لجوئه إلى القوة الجوية، واعتماد المجازر وسيلة للانتصار على أعدائه، إلا أن المؤكد لدى القاصي والداني في تركيبة الكيان المركب أصلاً من أعلى هرمه السياسي إلى أسفل قواعده العسكرية باتوا في قبضة  معادلة الردع التي فرضتها المقاومة وما خفي أعظم.

شارك المقال:

زر الذهاب إلى الأعلى