كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بمناسبة ذكرى التحرير الثاني

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله ربّ العالمين، ‏والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله ‏الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. ‏

السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته. ‏

وأُبارك لكم جميعاً هذه الذكرى،ذكرى التحرير الثاني،الإنتصار الكبير الآخر الذي حقّقه لبنان على ‏تلك الجماعات الإرهابية المسلحة التي احتلت جزءا واسعا من أرضنا اللبنانية واعتدت على أهلنا وقرانا ‏وعلى الجيش وعلى قوى الأمن وهدّدت لبنان.

أنا سأتحدث في هذه الليلة وفي هذه المناسبة أولاً عن ‏المناسبة بحد ذاتها وأيضاً سأتطرق إلى التهديدات الإسرائيلية الأخيرة،التطورات الأخيرة في ‏سوريا، الوضع الداخلي اللبناني،ذكرى تغييب واختفاء واختطاف الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه ‏أعادهما الله بخير، وكلمة أخيرة في ذكرى أربعين الإمام الحسين (ع) وما ستشهده كربلاء هذه الأيام، لكن ‏إن شاء الله نلتزم بالسقف الزمني ونختصر من النقاط ما أمكن، لكن قبل أن أبدأ من واجبي أن أعزّي اللبنانيين ‏جميعا برحيل أحد الأعمدة الكبيرة بالصحافة اللبنانية والعربية الأستاذ ‏طلال سلمان، الذي كان بحق مقاوما كبيرا وعزيزا،بالفكر وبالبيان وبالقلم وكان من المقاومة في ساحتها ‏الفكرية والإعلامية وساندها في كل مراحلها في لبنان وفي فلسطين وفي المنطقة حتى آخر نفس في ‏حياته، أتقدم بالتعزية إلى عائلته الكريمة، إلى كل أصدقائه، إلى كل المُحبين،إلى رفاقه في جريدة السفير ‏سابقا، إلى كل المؤمنين بالمقاومة والذين يشاركون هذا الأستاذ الكبير بالموقف والفكرة والإلتزام والإنتماء ‏أتقدم إليهم جميعا بالتعزية وأعبر عن مشاعر المواساة وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمّده برحمته ‏الواسعة.‏

نبدأ من المناسبة، يجب أن نُذكّر أنه مع بدء الأحداث في سوريا وتطورّها في المرحلة الأولى سيطرت ‏جماعات مسلحة على مناطق محاذية للحدود مع لبنان وخصوصا مع البقاع،كمثال مثلا ‏الزبداني،القلمون،القصير، مدن وقرى هذه المناطق، ودخلت هذه الجماعات المسلحة إلى مساحات واسعة من ‏الأراضي اللبنانية،واعتمدتها قاعدة للجماعات المسلحة،قاعدة لأي شيء؟ للإعتداء على السكان في القرى ‏المحيطة والبلدات والمدن المحيطة، للإعتداء على الجيش اللبناني وقوى الأمن وهذه الأحداث حصلت ‏وسنتكلم عن هذا الأمر،حرمان اللبنانيين من أراضيهم وبساتينهم وكساراتهم باعتبار أنه خصوصا في ‏منطقة عرسال والقرى المجاورة يعتمدون في أرزاقهم بشكل أساسي على كسارات الحجارة والصخور ‏هناك، واعتمدوها أيضا قاعدة لإرسال السيارات المفخخة كما فعلوا، سواءً أرسلوا السيارات المفخخة إلى ‏البقاع أو إلى الضاحية وأماكن أخرى،قاعدة للتوسع في الأراضي اللبنانية، تهديدات بالسيطرة على ‏البقاع،تهديدات بالوصول إلى بيروت وإلى الضاحية وتسجيلاتهم ما زالت موجودة،الآن هناك أناس في ‏لبنان ينسون أو ينكرون ذلك، لكن هذه التسجيلات موجودة وعلى مواقع الإنترنت أيضا موجودة. وأيضا ‏اعتمدوها قاعدة للمزيد من العدوان باتجاه سوريا، معبر للمقاتلين،معبر للسلاح، معبر للإمكانات وما ‏شاكل. هذه الجماعات المسلحة التي سيطرت على المنطقة الحدودية وعلى جزء كبير من السلسلة الشرقية، ‏وصولاً إلى محاذاة منطقة الهرمل كان يتقاسمها تنظيمان، تنظيم داعش وجبهة النصرة، لا شك أن لبنان ‏في ما يتعلق بتنظيم داعش في الحد الأدنى كان جزءاً من أهدافها، الآن هناك أناس ينسون وينكرون ذلك، كان ‏جزءاً من أهدافها، هم أعلنوا عن ذلك، أي أن الموضوع لم يكن فقط موضوع فقط قتال من أجل سوريا أو ‏ردة فعل على سوريا، هم أعلنوا ذلك، كُلنا نذكر أيضا الخريطة السوداء الكالحة التي نشرتها داعش عن ‏دولة الخلافة التي تُريد تأسيسها والتي كانت تشمل لبنان وسوريا والعراق والكثير وكل الدول العربية، ‏والعديد من الدول الإسلامية أيضا. لبنان كان جزءاً من خريطة دولة الخلافة الداعشية، وكان حضور ‏داعش في جرود االبقاع هو قاعدة انطلاق ورأس جسر، داعش التي كانت قد سيطرت على البادية السورية ‏من الحدود العراقية إلى البادية السورية ووصلت إلى تدمر، كان عندها بعد خطوة من تدمر إلى القلمون، ‏لتعمل هذا الإمتداد الواسع، وهذا ما منع الجيش العربي السوري والمقاومون والمقاتلون منع داعش من ‏تحقيقه، وهذا كان له أثر كبير على إنجاز الإنتصار في لبنان، يعني لو تمكنت داعش من وصل تدمر ‏بالقلمون والزبداني والحدود اللبنانية لكانت الأمور مُكلفة أكثر وأصعب، على كلٍّ، الأحداث عندنا في ‏الحدود بدأت في آخر عام 2012 وبدايات 2013، استمرت المعركة إلى النقطة الحاسمة التي انتهت ‏بالإنتصار في 27-8-2017 في مثل هذه الأيام، يعني نحن نتحدث عن معركة لسنوات، لا نتحدث عن ‏عملية عسكرية أو إنجاز نوعي تحقّق في مجموعة عمليات محدودة، نتحدث عن مجموعة كبيرة من ‏المعارك خِيضت على مدى سنوات حتى تحقق هذا الإنجاز، لنعرف أن ما بأيدينا اليوم هو ثمرة تضحيات ‏وعطاء وتعب وعناء وجهود كبيرة جدا. مع بداية الأحداث أيضا للتذكير في الـ 2012-2013 ووصول ‏الجماعات المسلحة إلى الجبال والجرود والتلال والوديان المحيطة بالقرى البقاعية ، قرّر أهالي المنطقة ‏أنفسهم ، يعني هذا كان قرار أهل المنطقة أهل بعلبك-الهرمل بالدرجة الأولى والقرى الموجودة هناك من ‏مسلمين ومسيحيين، أخذوا قرار أن يُدافعوا عن قراهم، عن بيوتهم، عن أعراضهم، عن دمائهم، لم يحمّلوا ‏ويهجروا ويهربوا من المنطقة بل بالعكس، بقوا في المنطقة وأخذوا قرار أن يواجهوا، ونشهد أن بعض ‏القرى خصوصا القرى المسيحية أخذت قرار المواجهة خلافاً لقرار قيادات أحزابها أو أغلب أحزابها التي ‏كانت لها موقف مختلف. الجيش اللبناني أخذ إجراءات دفاعية في مناطق نقاط تواجده، وسأتكلم عن الهجوم ‏لاحقا، المقاومة وقفت إلى جانب الأهالي بقوة.‏

طبعا يجب أن نُذكّر أيضا بالإنقسام اللبناني المعتاد عادةً، يجب ان لا ننسى، ينبغي أن لا ننسى أولئك الذين ‏يمثّلون قوى سياسية وشخصيات، الذين ذهبوا إلى المسلحين، إلى جرود عرسال وعقدوا عند المسلّحين ‏مؤتمرات صحفيّة وعبّروا عن تأييدهم ومساندتهم ومباركتهم، وقدّموا لهم أشكال الدعم على تفاوت، ‏بعضهم قدّم الدعم الإعلامي والسياسي، بعضهم زاد على ذلك بالمال والتمويل وبعضهم زاد على ذلك ‏بالمقاتلين وبالسلاح، هذا يجب أن لا يُنسى، وأن هؤلاء راهنوا على بقاء الجماعات المسلحة، اليوم في هذه ‏النقطة في الموضوع الداخلي أُريد أن “أَشد”. راهنوا على بقاء هذه الجماعات المسلحة، وراهنوا على ‏انتصارها، وراهنوا على انكسار أهل البقاع والجيش والمقاومة في مقابل هذه الجماعات، طبعا لا يُستغرب ‏هذا الرهان، لأن المشروع ليس قصة جرود لبنان وجرود البقاع، فهذا كان جزءاً من معركة كبرى في ‏المنطقة، في لبنان، في سوريا، في العراق، في المنطقة، يُديرها الأميركيون وسأعود إلى ذلك بعد قليل، وهؤلاء ‏أتباع الأميركيين، هؤلاء أتباع السفارة الأميركية، هؤلاء يدّعون أنهم سياديّون ولكن ساندوا جماعات ‏تكفيرية، إرهابية، احتلّت أرضًا لبنانية بغير حقّ، واعتدت على القرى اللبنانية وعلى اللبنانيين من مختلف ‏الطوائف، وعلى أرزاقهم، وعلى الجيش اللبناني، وقتلت ضبّاط في الجيش اللبناني، وقتلت جنود، وخطفت ‏من الجيش اللبناني ومن القوى الأمنية ، وسجنت ، وأعدمت ، وأخفت أجسادهم، ولكن هؤلاء حتى اللحظة ‏الأخيرة بقوا مؤيّدين ومساندين ومراهنين على هذه الجماعات التكفيرية المسلّحة في جرودنا، طبعا القرار ‏أُخذ بأن الناس تريد أن تقاتل، نحن مع الناس وخصوصا أن هؤلاء الناس هم أيضا أهلنا ولذلك وقفنا إلى ‏جانبهم بقوة، القرار، قرار القتال في الجرود، في السلسلة الشرقية، في مواجهة الجماعات المسلحة كان ‏قرارا إيمانيا، إنسانيا، أخلاقيا، وطنيا، شعبيا، في الحدّ الأدنى أجمع عليه أهل المنطقة الذين يعيشون في ‏دائرة الخطر بمعزل عن إنتماءاتهم الدينية والسياسية وتناقضاتهم السياسية أيضا. نحن أخذنا قرارنا ودخلنا ‏بكل قوة في هذه المعركة، طبعا الجيش اللبناني مشكورا،حافظ على إجراءاته الدفاعية وهذا كان مهما جدا ‏لمنع الإعتداءات ولمنع التوسع ، ولكن الحكومة في ذلك الوقت لم تأذن للجيش اللبناني بالقيام بأي عمل ‏هجومي، حتى لتحرير ضباطه وجنوده، حتى لتحرير ضباط وجنود قوى الأمن الداخلي، والسبب بكل ‏صراحة قُلناه سابقا ولكن يجب أن نعود ونذكّر، السبب هو التهديد الأميركي، الأميركان منعوا الحكومة ‏اللبنانية من أن تأخذ قرارا يسمح فيه للجيش اللبناني بالقيام بعمل هجومي في تلك المنطقة، لأنّه في الأصل ‏هؤلاء المسلّحين كانوا في رعاية وإدارة الأميركان، نعم متى أُخذ القرار؟ في ال2017، عندما كان فخامة ‏الرئيس العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وأنا أذكر حتى في ذلك الحين هُدِّد الجيش اللبناني بأنه إذا ‏شارك في العملية سيتوقف الأميركيون عن تقديم الدعم له، وأنا قلت هذا الأمر مرات عديدة منذ ذلك الحين ‏إلى اليوم، وهذه هي الحقيقة ولا يجرؤ أحد على إنكارها ومن يُنكرها هو كاذب.‏

خلال سنوات القتال من ال2012 إلى ال2017، كانت هناك معارك ضارية، لكن هذه المعارك لا يمكن ‏تجزأتها، الحدود، صحيح هناك حدود ولكن ليس هناك شريط شائك، الحدود نظرية بين لبنان وسوريا، ‏الجماعات المسلحة كانت تُسيطر على مساحة واسعة داخل الأراضي السورية، في الزبداني، في القلمون، ‏في القصير، وعلى مساحات واسعة داخل الأراضي اللبنانية. العمليات مرّت بمراحل عديدة، يمكننا ‏تقسيمها كما نشاء بمراحل، لكن أنا سأقسّمها لأربعة مراحل: ‏

المرحلة الأولى: مرحلة تحرير القصير مدينةً وقضاءً ومنطقة، وهذا أّدّى إلى إبعاد الخطرعن الهرمل ‏وقراها و المناطق المجاورة.‏

المرحلة الثانية: القلمون الغربي وتحرير جزء من جرود الطفيل، إضافة إلى جرود نحلة ويونين، أجزاء ‏منها. ‏

المرحلة الثالثة: هي الزبداني، عندما كان يهتز الوضع داخل الأراضي السورية، فإن المُسلح ينكفئ، فيؤدي ذلك ‏إلى تحرير جزء من الأرض اللبنانية. الزبداني مع مساحة واسعة من الجرود اللبنانية، وإلى هنا قبل بداية ‏المرحلة الرابعة، أهمية المرحلة الثانية والثالثة أنه تمّ القضاء على جميع المخابئ والاماكن التي كانت ‏تُفخّخ فيها السيارات ويتمّ إرسالها إلى لبنان مع الإنتحاريين. ‏
المرحلة الرابعة: التي كانت في شهر 7-2017 التي هي بقيّة المنطقة. في المرحلة الأخيرة حصل قتال ‏كبير جداً داخل الأراضي السورية يعني في محاذاة حدود جرود عرسال وما تبقّى، وخاضها الجيش ‏السوري والمقاومة، وفي الأراضي اللبنانيّة، في العديد من الأجزاء خاضتها المقاومة، وفي المرحلة الأخيرة ‏تمّ تقسيم الجبهة إلى قسمين: قسم توّلاه حزب الله ومن معه، والقسم الآخر هو الذي تولاه الجيش اللبناني ‏بناءً على قرار الحكومة اللبنانيّة الشجاعة في ذلك الحين، وأدّت هذه المراحل الأربعة إلى إلحاق الهزيمة ‏الكاملة وطرد المسلحين من تلك المنطقة وتحريرها بالكامل، استعادة كامل الأرض اللبنانية، طبعا في ‏الجهة السوريّة، أيضا حُسمت المعركة بشكل قاطع، وإلا ما كانت لتحسم في الجانب اللبناني. تمّ استعادة ‏أجساد الشهداء، شهداء الجيش اللبناني، وشهداء قوى الأمن، وتحرير الأسرى، وأيضا استعادة أسرانا الذين ‏كانوا في إدلب، وإنهاء هذه الجرثومة، هذا الوجود الإرهابي في مناطقنا وفي حدودنا، هذا الذي نُسمّيه ‏بالتحرير الثاني، هذا الذي نُسمّيه بالإنتصار. ‏

طبعا اليوم في ذكرى هذا الإنتصار الكبير، أوّل ما يجب أن نتوجه إلى الشهداء، إلى أرواح الشهداء، ‏شهداء الجيشين اللبناني والسوري، شهداء المقاومة، شهداء الأهالي، الذبن قدّموا دمائهم من أجل هذا ‏التحرير وهذا الإنتصار، يجب أن نتوجّه إلى عوائل الشهداء، إلى الجرحى، إلى المقاومين الذين قاتلوا ‏لسنوات في ظروف مناخية قاسية كلكم يعرفها، في الشتاء، ثلج وبرد قارس، وفي الصيف حرّ شديد، ومع ‏ذلك وبعد التحرير بقوا لمدّة عامين في تلك الجبال وفي تلك الجرود حتّى لا يتمكّن أحد من التسلّل إلى ‏القرى والمدن البقاعية وتهديد أمنها أو القيام بأي شيء يؤذي أهلها وسكانها، يجب أن نتوجّه إلى كل ‏هؤلاء، إلى أهلنا في البقاع، إلى الأهل الذين احتضنوا هذا الخيار وكانوا شركاء فيه، أنا لا أنسى القرى ‏والبلدات التي كانت رغم ظروفها المعيشية الصعبة والمعروفة تجمع من مؤونة بيوتها، من طعامها، من ما ‏أعدّته لأطفالها لترسله إلى آلاف المقاتلين الذين كانوا في الجبهات، يجب أن أُذكّر وأُشيد بالإقبال الكبير للمقاومين والمقاتلين، نحن لم نُعاني في يوم من الأيام من نقص ‏في العديد على الاطلاق، كان الاقبال كبيرا جدا من أجل الدفاع عن لبنان، عن قراه، عن أهله، ‏وأعراضه، وأبنائه، في المعركة الأخيرة في سنة 2017 المعركة الحاسمة يمكن للمرة الأولى أنا أقول ‏لكم ذلك كانت أعداد مقاتلينا كبيرة جدا ولا تتناسب مع حجم المهمة، يعني أكبر بكثير من حجم المهمة، ‏والسبب في ذلك أننا كُنا عاجزين عن منع هؤلاء الشباب، تعرفون كانت عطلة صيفية، عن منع ‏هؤلاء الشباب من المشاركة في العمليات.‏

ولذلك جزء كبير من شهداء المرحلة الأخيرة كانوا من شهداء التعبئة، كانوا من من المتطوعين، كانوا من ‏طلاب الجامعات، وهذا يعبر عن الروح والإرادة العالية الموجودة لدى شعبنا.‏

هذه تجربة جديدة سنختم المناسبة لنلحق على الموضوعات الأخرى.‏

هذه تجربة جديدة لمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، تجربة مشهودة، ملموسة، بالعين، هؤلاء ‏الناس رأوها، كل اللبنانيين رأوها، كل المنطقة رأوها، هذا ما سميناه بالتحرير الثاني، التحرير الأول ‏كان نتيجة معادلة جيش شعب مقاومة، الانتصار في حرب تموز نتيجة معادلة جيش شعب ‏مقاومة، التحرير الثاني في جرود البقاع معادلة جيش شعب مقاومة، وما بدا قبل أيام في موضوع ‏التنقيب عن الغاز في البلوك 9 هو أيضا ما سميناه بالتحرير الثالث لترسيم الحدود البحرية ‏واستعادة حقولنا وحقنا في المياه الاقليمية والمنطقة الاقتصادية والتحرير الثالث هو نتيجة معادلة ‏جيش شعب مقاومة.‏

إذا نحن إذا أردت اخذ عبرة، نحن نُقدم معادلة استراتيجية دفاعية هي جيش شعب مقاومة، هذه ‏الاستراتيجية الدفاعية الوطنية القائمة على معادلة جيش وشعب ومقاومة حققت انتصارات تاريخية ‏وعظيمة وكبرى.‏

هذا في الميدان، في الواقع، وما يَطرحه الآخرون ليس استراتيجية دفاعية أو إذا كانت تُشكل ‏استراتيجية دفاعية فهي مجرد نظريات فاشلة، لم يجني منها لبنان والمنطقة العربية وكل من ‏اتبعهم إلا الخسائر والهزائم والضياع، هذه هي الحقيقة، ولذلك حتى عندما يتم الحديث عن حوار ‏وطني حول استراتيجية دفاعية، هذا الفريق السياسي الذي ذهب إلى الجرود وايد المسلحين لا يقبل ‏لا يريد حوار في استراتيجية دفاعية، لديه موقف مسبق يقول يجب نزع سلاح المقاومة، سأعود ‏إليه في الموضوع الداخلي.‏

إذاً نحن اليوم نُقدم أمام الشعب اللبناني وأمام اللبنانيين جميعا، نُذكر بإنجاز صنعته هذه ‏الإستراتيجية ونذكر أيضا بأن الانتصار في جرود البقاع هو أحد تجارب الخيارات الفاشلة ‏والخاسرة لهذا الفريق السياسي اللبناني، الذي يشتغل عند السفارة الأمريكية في لبنان، هذه واحدة من ‏الخيارات الفاشلة والخاسرة وما أكثرها.‏
ننتقل إلى مسائلنا الأخرى:‏

النقطة الثانية: التهديدات الاسرائيلية الأخيرة في موضوع اغتيال قيادات في المقاومة وهذا يشمل ‏قيادات فلسطينية، وقد يمتد إلى قيادات لبنانية، وأيضاً هم كانوا واضحين بأنهم قد يلجأون إلى ذلك ‏طبعا سأعود للحديث عن تطورات سوريا في سياق الحديث.‏

وهم أيضا قالوا بأن هذا يمتد داخل فلسطين المحتلة وخارج فلسطين المحتلة، دائما كان يُقال ان ‏الإسرائيلي يدرس تجاربه وأخطاءه ويأخذ منها العبر والدروس لكن يبدو أن هذا كان أيام زمان.‏
هذا الكلام لا ينطبق حاليا لا على حكومة العدو ولا على جيش العدو لأنهم يُعيدون نفس الأخطاء ‏القاتلة والمُميتة، سأذكر مثالين:‏

المثال الأول: أمام تصاعد المقاومة في الضفة الغربية والعجز الاسرائيلي أمام هذه المقاومة أمام ‏شبابها ورجالها، واحتضان شعبها للمقاومين، “شو طلع معهم”؟ يعني نتنياهو “شو طلع معه” وجماعة ‏نتنياهو؟ الهروب إلى اتهام إيران وتصوير أن ما يجري في الضفة الغربية هو مشروع إيراني، خطة ‏إيرانية، وأن الفلسطينيين الموجودين هناك هم أدوات إيرانية، هم مرتزقة إيرانيون، لولا إيران لما ‏قاموا بما يقومون به ولما كان لديهم هذا القتال وهذه المواجهة، هذا طبعا هذا استغباء للعالم ‏وللمنطقة ولشعوب المنطقة، ويستغبون أنفسهم أيضا، الاسرائيليون يستغبون أنفسهم أيضا، غافلين ‏عن أن المقاومة في الضفة الغربية هي إرادة فلسطينية بحتة، هي إرادة الشعب الفلسطيني، وينسون ‏أن هذا الشعب يقاتلهم منذ 75 عاما، يعني قبل انتصار الثورة الاسلامية في إيران بقيادة الإمام ‏الخميني(قدس سره)، وقبل قيام نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، وعندما كانت إيران يحكمها ‏الشاه حليف إسرائيل كان الشعب الفلسطيني يُقاتل في الضفة وفي غزة وفي ال48 وفي داخل ‏فلسطين وخارج فلسطين، هم يُريدون أن يتنكروا لحقيقة أن هناك شعبا فلسطينيا له حقوق، له حق ‏الوجود، وله حق البقاء، وله حق الحياة، له حق الحياة العزيزة والكريمة، وله حق استعادة أرضه ‏ومقدساته من البحر إلى النهر، ولذلك يُحاولون أن يصوروا كأن المعركة في الضفة الغربية هي بين ‏إسرائيل وإيران، إذاً يا أمريكا يا عالم يا مجتمع دولي يا بعض الدول العربية الذين لديكم موقف من ‏إيران كونوا معنا لأننا نخوض معركة مع إيران هنا في الضفة الغربية.‏

المعركة في الضفة الغربية هي مع الشعب الفلسطيني، نعم الجمهورية الإسلامية في إيران مشكورة ‏مأجورة أنها تدعم وتقف إلى جانب هذا الشعب الفلسطيني المظلوم، المضطهد، المحتلة أرضه، ‏المنتهكة مقدساته، ولم تتخلى عنه كما تخلى عنه العالم، أما هذا المشروع هو مشروع فلسطيني، ‏إرادة فلسطينية، مقاومة فلسطينية، هذا الخطأ أين ارتكبه العدو؟ ارتكبه في لبنان، منذ العام 82 إلى ‏ال2000 وال 2006 وإلى اليوم بقي العدو الاسرائيلي يُصور أن الذين يقاتلونه في لبنان هم أدوات ‏إيرانية، هم مقاومة إيرانية، هم مشروع إيراني، غافلاً عن أن هناك في لبنان شعب وأن هناك في ‏لبنان رجال ونساء وإرادة وطنية وأناس يرفضون الذل والضيم والاحتلال والظلم والهيمنة والعيش ‏تحت سلطة المحتلين، ويقاتلون بالحجر، وبالخشب، وبالزيت المغلي، ويرفضون المصافحة ‏ويقاتلون بالرصاص وبالأجساد العارية وبالأرواح الاستشهادية وبكل الوسائل حتى كان التحرير في ‏سنة 2000.

هذا مثل، وهذا لن يقدم ولن يؤخر، هذا لن يفت من عضد الفلسطينين، عندما يُتهمون في وطنيتهم، ولن يؤثر ‏على الموقف الإيراني الذي يفتخر بأنه ويعتز بأنه يقف إلى جانب المظلومين، هذا مجرد سفسطة ‏من نتنياهو وأمثال نتنياهو.‏
والمثال الثاني: هو التهديد بالإغتيالات، طيب هذا جديد العدو الاسرائيلي طوال الصراع مع المقاومة ‏في لبنان، في فلسطين، في المنطقة، كان يقوم بتنفيذ اغتيالات وأحيانا اغتيالات واسعة لكبار القادة، ‏أمناء عامون، علماء، كادر قيادي، كوادر قيادية، أحيانا مع نساءهم ومع أطفالهم، هل استطاعت ‏هذه الاغتيالات ان تهز من عضد المقاومة ومن ارادة المقاومة أم دفعت باتجاه المزيد من ‏الحضور في الميدان والساحات والإستعداد للتضحية والمواجهة والأمل بالإنتصار، هذا حصل مع ‏الفلسطينيين ومع اللبنانيين ومع بقية المقاومين في منطقتنا.‏

إذاً هذه التهديدات بالعكس لن تجعل المقاومة تتراجع، لا التهديد ولا تنفيذ التهديد، يعني لا التهديد سيوقف ‏العمليات وسيوقف حركة المقاومة ولا تنفيذ التهديد سيضعف المقاومة، بل سيزيدها عنادا واصرارا ‏وعزما ومواجهة وحضورا وقوة وهذا ما أثبتته كل التجارب.‏

العدو يجب أن يعترف أنه في مأزق وجودي، في مأزق تاريخي، في مأزق استراتيجي، لن يجد حلولاً، ‏فلِتجتمع الحكومة المصغرة ولِيجتمع الحكام الحاليون والسابقون والجنرالات الحاليون والسابقون ‏في كيان العدو وليستشيروا كل خبراء العالم، لن يستطيعوا انقاذهم ولا هدايتهم إلى استراتيجية ‏تُخرجهم من المأزق الذي دخلوا فيه.‏
الحل الوحيد أمام الكيان هو كما قال قادة المقاومة الفلسطينية، ولا أقول ذلك أنا فقط، هم سبقوا إلى ‏ذلك، الخروج من المأزق هو ترك هذه الأرض لشعبها، لأهلها، لأصحابها الحقيقيين، وإلا هذا القتال ‏سيتواصل جيلا بعد جيل ويبدو أننا لن نحتاج إلى اجيال ان شاء الله، لذلك أمام هذا المأزق كل هذه الخطوات لن تؤدي إلى نتيجة.

في هذا السياق، يجب أن أُذكر بموقفنا ‏الذي كررته في مرات عديدة، أي اغتيال على الأرض اللبنانية نحن موجودين في لبنان، أي اغتيال ‏على الأرض اللبنانية يطال لبنانيا، أو فلسطينيا، أو إيرانيا، أو سوريا، أو إلى أي تابعية ينتمي، ‏بالتأكيد سيكون له رد الفعل القوي ولا يمكن السكوت عنه ولا يمكن تحمله، ولن نسمح أن تُفتح ‏ساحة لبنان من جديد للإغتيالات، ولن نقبل على الإطلاق بتغيير قواعد الاشتباك القائمة حتى الآن ‏خصوصا من 2006، وعلى الإسرائيليين أن يفهموا هذا جيدا.

المسألة الثالثة التي أُريد باختصار، يجب تسليطا لضوء على ‏معاناة الأسرى الفلسطينيين المنسيين الذين ينساهم العالم، عدد كبير منهم اليوم يضربون عن الطعام، ‏يواجهون أصعب الظروف التي يواجهها أسرى وسجناء، وأيضا بسبب هذه الحكومة المتطرفة ‏والمتوحشة والتي تتعمد القيام بخطوات قاسية ومذلة على هذا الصعيد.‏

أيضاً بنفس السياق، يجب أن نسلط الضوء على معاناة السجناء السياسيين في البحرين، وكلهم ‏يعيشون ظروفاً صعبة، ولكن هناك عدد منهم دخل في اعتصام أيضاً وفي اضراب عن الطعام، وهناك ‏تضامن معه من الشعب البحريني من السجناء، من القوى السياسية، العالم مُطالب أيضا، منظمات ‏حقوق الانسان، الدول التي تشن حروبا تحت عنوان الدفاع عن حقوق الانسان وتسكت عن هذه ‏المظالم في فلسطين والبحرين مطالبة بموقف، أيضا كل قادر على التعبير عن موقف، واليوم كل ‏الناس لديهم مواقع تواصل وعندهم قدرة تعبير، يجب أن يكون هناك تضامن حقيقي في هذه المسألة ‏الانسانية، سواءً مع الأسرى في فلسطين حتى لا تتحول إلى مسألة معتادة، ومع السجناء السياسيين ‏في البحرين.‏

النقطة الرابعة في تطورات سوريا أيضاً كلمتين، منذ البداية نحن في حزب الله كان رأينا واضح ‏وفهمنا واضحا ومعلنا لما يجري في سوريا، كُنا نقول واليوم نُعيد ونُكرر لأن ما يجري اليوم هو تداوم ‏واستمرار لما بدا في 2011- 2012، من البداية كان رأينا ان ما يجري في سوريا هو مشروع أمريكي، ‏استعانت فيه أمريكا بعدد من الدول الاقليمية عربية واسلامية وخليجية، وساندتها هذه الدول ‏بالإعلام، وبالمال، وبالسلاح، وبالإمكانات، وباللوجستية، وبالمقاتلين، وتم استغلال أحداث داخلية ‏كان يمكن معالجتها وكانت الدولة السورية تسعى إلى معالجتها.‏

المشروع من البداية كان اسقاط النظام الحالي والسيطرة على سوريا واخضاعها ونهبها، الآن تقولوا ‏نهبها يا سيد، ما الذي يجري الآن في شرق الفرات؟ نهب يومي من قبل الأمريكان للنفط والغاز السوري نهب يومي، وهذه منطقة خارج دائرة الدولة ‏السورية.‏

وإن كان هناك من يدعي أنه يدير هذه المنطقة ويسيطر عليها ما يسمى ب “قسد” وما يسمى بالمجالس ‏العسكرية في دير الزور وغيرها، إلا ان هذه جميعها خاضعة للمحتل الأمريكي هناك، ونهبها من ‏جهة وتوجيه ضربة لمشروع المقاومة ككل في المنطقة.‏

القائد الفعلي منذ اليوم الأول أيها الشعب السوري يا شعوب المنطقة، القائد الفعلي للحرب على ‏سوريا ومنذ اليوم الأول كان الأمريكي، وكان السفير الأمريكي في دمشق باعترافه هو وباعتراف ‏مسؤولين عرب منذ مدة تحدثوا ووضحوا، وسمعنا حديث عن تشكيل لجنة لقيادة الحرب على ‏سوريا، متشكلة من الأمريكي، وعدد من الدول العربية والاقليمية المجاورة.‏

وأنه في تلك اللجنة كان يُناقش الخطوات والمراحل والتحضير والموازنات، وطُلب موازنة من ‏أجل السيطرة على سوريا 2000 مليار دولار، لا اعرف إن أقرت ال2000 مليار لأنه هذا ‏‏”مقطوش” بالإعترافات، ولكن بايدن يتحدث ومسجل صورة وصوت، مئات مليارات الدولارات ‏انفقت لاحتلال سوريا والسيطرة عليها، وجاءوا بالتكفيريين والجماعات الإرهابية من كل العالم ‏ضمن نظرية تقول: نأتي بهم من كل الميادين والساحات ليقاتلوا في سوريا، فيُقتل من يُقتل منهم، ‏انظروا إلى الخيانة انظروا إلى الخيانة، انظروا إلى الغدر، حتى بالتكفيريين حتى بالإرهابيين الذين جاءوا بهم ‏من كل الدنيا جاءوا بهم بهذه النية، وهذا ما اعترف به رئيس أحد أهم أجهزة المخابرات العربية ‏الذي كان يدير هذه المعركة، الآن لا اريد ان اسمي دول عربية حتى لا يقول أحد ترجع تفتح مشكل ‏يا سيد.‏

فكانت النظرية تقول: فلِنأتي بهم من كل انحاء العالم وليقاتلوا في سوريا فسيُقتل منهم من يُقتل ‏وأما من يبقى بعد ذلك على قيد الحياة نقوم بتصفيته.‏

يعني كان التكفيريون المسلحون وكثير من هؤلاء البسطاء الذين جِيء بهم من كل انحاء العالم ليقاتلوا ‏تحت راية الاسلام ولا اله إلا الله محمد رسول الله، كانوا للأسف مجرد أدوات غبية في المشروع ‏الأمريكي، مجرد أدوات غبية في المشروع الأمريكي، كان المطلوب استنزافها واستهلاكها والقضاء على بقيتها في المرحلة اللاحقة.‏

لذلك هم صنعوا داعش، وبحجة داعش عادت القوات الأمريكية إلى العراق وبحجة داعش دخلت ‏القوات الأمريكية لتحتل شرق الفرات، اليوم شرق الفرات تحتله الولايات المتحدة الأمريكية، شرق ‏الفرات ليست مسألة داخلية اليوم، ليست مسألة داخلية سوريا بين قسد أو بعض العشائر والنظام ‏والحكومة في سوريا، لا هي مسألة أمريكية بامتياز، سأعود إليها أيضاً لاحقا.

إذاً هذا المشروع العسكري، هذه الحرب الكونية ‏فشلت أيضا بفضل الله عز وجل، صمود القيادة السورية، الجيش السوري، الشعب السوري، ومساندة ‏أصدقاء سوريا لها وفي مقدمهم محور المقاومة.‏

بمجرد أن بدا واضحاً أن الحرب العسكرية فشلت ووصلت إلى طريق مسدود، وكان لها أيضا غير ‏الصمود أسباب عديدة، الصراعات داخل هذه الجماعات المسلحة، الفتك الذي قامت به بين بعضها ‏البعض، التصفيات، الصراع الدموي على القيادة، على القرار، على الاستئثار بالنفط، على الاستئثار ‏بالمعابر، هذه صورة البديل، البديل الذي كانت تُحضره أمريكا لسوريا، وكانت تُحضّره بعض الدول العربية لسوريا، يجب ‏على الشعب السوري اليوم أن يعود ويتذكر صورة هذا البديل الذي كان يُحضّر له، لأنه الآن يتم إعادة ‏التحضير له، لهذا البديل البشع والقبيح. ‏

عندما وجدوا أنّ هذا المشروع العسكري فشل وبدأت سوريا تتعافى وفُتحت أبوابها أمام العالم أدركوا أنّ ‏سوريا – هذا قلته سابقًا لكن سأعود وأؤكد عليه أمام التطورات الجديدة – أنّ سوريا بعقولها وفكرها ‏ومسؤوليها وشعبها وإرادتها وإمكانياتها الداخلية قادرة على النهوض خلال سنوات قليلة، إذا فُتحت ‏الأبواب أمام المساعدة وأمام الاستثمارات الخارجية وأمام تفعيل الانتاج الداخلي وتصدير الانتاج الداخلي ‏وما شاكل. فكان قانون قيصر، قانون العقوبات الذي فرض حصارًا قاسيًا جدًا جدًا جدًا على سوريا. ومنذ ‏اليوم الأول لقيصر كانت إرادة الأميركيين ما هي؟ أن ما عجزنا عن تحقيقه بالقتال والحرب وما عجزنا ‏عن تحقيقه بالضغط السياسي والحوار السياسي مع القيادة السورية يمكن أن نصل إليه من خلال العقوبات ‏والحصار والضغط الاجتماعي والمعيشي والحياتي الذي سيمكن – برأيهم – أن يُفجّر سوريا من جديد أو ‏يدفع القيادة السورية إلى الاستسلام، هذه كانت نيّة قيصر. بطبيعة الحال، الدولة في سوريا، الحكومة في ‏سوريا، بذلت جهودًا كبيرة، أنا لا أدّعي أنها قامت بكل ما يجب القيام به، لا أعرف هذا تفصيل يعني به ‏السوريون أكثر، ولكن كلنا يعرف أنّ الأبواب سُدّت وأقفلت وأنّ الحصار أُحكِم، وأنّ الدولة السورية كانت ‏تحاول وما زالت تحاول ضمن الإمكانات المتاحة أن تُدير الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية الصعبة. ‏

اليوم تصل الأمور إلى نقطة حساسة، بدل أن يُلام المتآمر، بدل أن يُلام المحاصر، بدل أن يُلام المُجوّع، ‏يعني أميركا، أميركا التي تمنع أحدًا في الكرة الأرضية قادرًا على الاستثمار أن يستثمر في سوريا أو قادرًا ‏على أن يمد يد المساعدة أن يمد يد المساعدة، إلا بعض الأصدقاء أيضًا ضمن ظروفهم الصعبة، حتى دولة ‏مثل الصين التي لها موقف سياسي جيد مع سوريا ولكن لا تجرؤ شركاتها أن تأتي وتستثمر في سوريا ‏بسبب قيصر، حتى روسيا التي تقاتل في سوريا لم تأتِ شركاتها لتستثمر في سوريا خوفًا من العقوبات ‏الأميركية، وهكذا إذا تحدّثنا عن الدول العربية. بدل أن يُوجّه اللوم إلى من يُحاصر سوريا ويُجوّعها ويمنع ‏عنها المساعدات ويمنع عنها الاستثمار ويمنع عنها الحياة الكريمة يُوجّه اللوم إلى المكان الخاطئ، بدل أن ‏تتوحّد الحناجر والأصوات والأيادي والبنادق لمواجهة المحتل الأميركي تذهب بالإتجاه الخاطئ. أضرب مثلًا، اليوم ‏في شرق الفرات أهم حقول النفط والغاز السورية هناك في شرق الفرات، من يسيطر عليها؟ الأميركيون، ‏من ينهبها في كل يوم؟ الأميركيون، الأميركيون هم الذين يمنعون أن تعود هذه حقول النفط والغاز إلى ‏الحكومة السورية، لو عادت حقول النفط والغاز في شرق الفرات إلى الحكومة السورية هل كان الوضع ‏سيكون بصعوبة الوضع الحالي؟ طبعًا لا، طبعًا لا، بمعزل عن نسبة التأثير، لكن من يمنع الحل السياسي ‏بين الأكراد والدولة في سوريا؟ الأميركيون، من الذي يمنع تحرير شرق الفرات؟ أنا أقول لكم بصراحة، ‏الدولة السورية وحلفاؤها قادرون ببساطة على تحرير شرق الفرات عسكريًا كما فعلوا في السابق في البادية ‏السورية، وشرق الفرات ليس أصعب، ولكن المعركة هناك ليست مع “قسد” وليست مع المسلحين، شرق ‏الفرات هو منطقة محتلة من قبل القوات الأميركية والقتال هناك يعني صراع إقليمي وقد ينجر إلى صراع ‏دولي، من إذًا الذي يحوّل الصراع إلى صراع إقليمي ودولي هناك؟ الأميركيون.‏

بدل كما قُلت أن يُركّز على تحميل المسؤولية للمحتل الذي ينهب نفط سوريا وغازها وخيراتها في شرق الفرات ‏يوجّه اللوم إلى الدولة، إلى الحكومة، إلى القيادة السورية، هذا أمرٌ خاطئ. ‏
أنا أريد أن أقول للشعب السوري، هناك أناس قد يعجبهم هذا الكلام وهناك أناس قد لا يعجبهم، لكن ‏بالمراحل الصعبة والتاريخية وفي المفاصل يجب على كل إنسان أن يقول رأيه وقناعته بوضوح ‏وبصراحة وبشجاعة. أقول لهم أنتم خياركم الوحيد هو التعاون، أن يتعاون الدولة والشعب في سوريا على ‏مواجهة هذه الأزمة بالصبر، بالحلول الممكنة، ولو بالحلول الجزئية، بالاعتماد على الذات، بالإمكانيات ‏الوطنية، بالصبر والتحمل وعدم إعارة العقول والجماجم لمن يريد تدمير بلدكم وتجزئة بلدكم ونهب ‏خيراتكم، عندما أقول نهب فهذا المثل موجود بشرق الفرات، أما إذا سيطرت أميركا وجماعات وأدوات ‏أميركا على سوريا سوف تُنهب سوريا ولن يؤدي ذلك إلى أن تنعموا بهذه الخيرات، أملكم الوحيد وخياركم ‏الوحيد هو هذا التعاون وهذا التعاضد مع الصبر على هذه الصعوبات والله سبحانه وتعالى إن شاء الله ‏عندما يصبر الناس ويتحملون سيجد وسيكون لكم فرجٌ ومخرجٌ من هذه المحنة القاسية والصعبة.‏

في هذا السياق نشهد الضغط الأميركي في شرق الفرات، تشديد العقوبات، الزيارات الجديدة لنواب ‏أميركيين إلى شمال سوريا من أجل أي شيء، محاولة إحياء داعش من جديد، كلام – ما مدى مصداقية ‏يحتاج لتدقيق – أنّ الأميركان يريدون استقدام جماعات مسلحة وينشرونها من التنف إلى البوكمال ويغلقوا ‏الحدود السورية العراقية، هذه أوهام، هذه أحلام، لن تسمح سوريا ولا محور المقاومة يمكن أن يسمحوا ‏بشيء من هذا القبيل، خصوصًا إذا أراد الأميركي أن يقاتل بأدواته، أما إذا أراد أن يُقاتل بنفسه فأهلًا ‏وسهلًا، هذه هي المعركة الحقيقية التي ستغيّر كل شيء وكل المعادلات. إحياء داعش من جديد سيواجه ‏بنفس الصلابة، بنفس القوة، بنفس العزم، عسكريًا وأمنيًا ولن يُسمح لهؤلاء من جديد بالعبث لا في أمن ‏سوريا ولا في أمن لبنان ولا في أمن العراق ولا في أمن المنطقة. ‏

أدخل إلى الشأن اللبناني، بالشأن اللبناني النقطة الأولى، هناك موضوع اليوم مطروح وجلسات في مجلس الأمن ‏والتمديد لليونيفيل، طبعًا بعض المسودات التي اقترحت من بعض الدول الغربية هي تتدخل ليس فقط في ‏موضوع 1701 وإنّما تتدخل أيضًا في الشأن اللبناني، وسُجّلت ملاحظات لبنانية على هذه التعديلات أو ‏الإضافات ويمكن أن يُؤخذ بها؟ ‏

المسألة الرئيسية ترتبط بحرية عمل قوات الطوارئ الدولية اليونيفيل في الجنوب بمعزل وبدون تنسيق مع ‏الجيش اللبناني. أنا لدي تعليق سريع، التعليق الأول أنّ مجلس الأمن الدولي المحترم وخصوصًا من خلال ‏الممارسة الأميركية والدور الأميركي هو لا يرى، يعني هو أعور، هو لا يرى ما تقوم به “إسرائيل” في ‏لبنان، لا الخروقات الجوية ولا الخروقات البحرية ولا الاعتداءات على الحدود ولا التهديدات ولا الاحتلال ‏الجديد من خلال ضم شمال الغجر مع أراضي واسعة بالشريط الشائك وبالجدران، هذا كله لا يُشاهده ‏الأميركي، الأميركي يرى أنه كيف نريد أن يكون جنوب لبنان آمنًا بمعنى لا يُشكّل خطرًا أو تهديدًا لكيان ‏العدو، أن يكون خاليًا من أي فرصة دفاع أو مقاومة أو حماية، هذا ما يريده الأميركي لا شيء آخر. ولذلك ‏هم يريدون اليونيفيل عمال عند الإسرائيلي، يريدون اليونيفيل جواسيس عند الإسرائيلي، يريدون اليونيفيل ‏في المكان الذي لا يستطيع الإسرائيلي، لأنه الآن مسيراتهم لا تأخذ راحتها مثل أيام زمان وجواسيسهم ‏يواجهون مشاكل معينة، حيث لا تستطيع المسيرة الإسرائيلية أو الجاسوس الإسرائيلي أو الكاميرا ‏الإسرائيلية أن تصل لتأتي بالمعلومات، المطلوب أن تقوم بها كاميرات اليونيفيل. ‏

هذا الوضع كُنا نحن دائمًا نتحمّله نتيجة الموقف السياسي في لبنان، الموقف السياسي الرسمي في لبنان، ‏وبالنهاية بعض اللبنانيين يعتبرون أنّ وجود اليونيفيل مصلحة وطنية ومصلحة لبنانية وإلى آخره، وهذا ‏فيه نقاش على كل حال، لماذا اليونيفيل فقط عندنا في لبنان؟ لماذا لا يوجد يونيفيل في شمال فلسطين؟ هم ‏الذين يعتدون، هم الذين شنوا الحرب على لبنان، وهم الذين اجتاحوا في عام 1978 وفي عام 1982، وهم ‏الذين شنوا الحرب في عام 2006، وهم الذين يهدّدون دائمًا، وهم الذين يخترقون لبنان وسيادة لبنان ومياه ‏لبنان وبر لبنان، كل هذا غضينا النظر عنه، لكن ما حصل في العام الماضي إما بغفلة من الدبلوماسية ‏اللبنانية أو بضعف من الدبلوماسية اللبنانية أو.. أو.. أو.. كان المطلوب أن يُصحّح، مشكورة الحكومة اللبنانية ‏اليوم هي تسعى لتصحيح هذا الخطأ الذي حصل في العام الماضي والذي أعطى الحرية – بحسب القرار – ‏أعطى الحرية الكاملة لليونيفيل بأن تتحرك بمعزل عن الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية، وهذا طبعًا ‏سكت عنه ادّعاء السيادة في لبنان، الذين يسمّون أنفسهم سياديين، هذا خرق للسيادة اللبنانية، قوة مسلحة ‏أجنبية تتحرك على الأرض اللبنانية بدون إذن الحكومة وبدون إذن الجيش اللبناني وبدون تنسيق مع ‏الجيش اللبناني، قولوا لي أين السيادة يا سياديين؟ الآن سيخرج شخص شاطر ويقول أنتم قوة عسكرية ‏تتحرك، نحن قوة لبنانية، نحن شعب لبنان، نحن أهل البلد، نحن لسنا قوة أجنبية، وهذا مشكل داخلي ليس ‏له علاقة بالسيادة، بل له علاقة بالمشكل الداخلي بين جماعة السيادة الحقيقيين وبين أتباع أميركا في لبنان. ‏

على كلٍ، اليوم هناك معاناة كبيرة للبنان في مجلس الأمن، على كل حال نحن نشدّ على أيدي الحكومة ‏اللبنانية ونأمل أن تُوفّق الحكومة اللبنانية لإجراء هذا التعديل، نأمل أن يساعد أصدقاء لبنان لبنان على ‏إجراء هذا التعديل. على كلٍ، وإن لم يحصل هذا التعديل في كل الأحوال الخلفية في الإصرار على التعديل ‏هي خلفية لها علاقة بالكرامة الوطنية وإلا هذا سيبقى حبرًا على ورق مثل ما كان السنة الماضية سيبقى ‏حبرًا على ورق. وفي الجنوب لن يُسمح لأي قوة، الناس لن يسمحوا، لم يُستخدم سلاح في هذا الأمر وليس ‏هناك توجّه لاستخدام سلاح، لكن أهل الجنوب والناس في الجنوب لن يسمحوا بأن يُطبّق قرار بالرغم من ‏رفض الحكومة اللبنانية له. ‏

النقطة الثانية غير موضوع اليونيفيل لها علاقة بالملف الداخلي، هو موضوع الرئاسة والآن اللبنانيين ‏منتظرين الموفد الفرنسي، وجرى سجال في البلد وتصوروا أنه الآن هناك نقاش أنّ السيد لودريان وجّه ‏أسئلة إلى النواب وكتل نيابية، هناك أناس لا يريدون أن يُجاوبوا لماذا؟ هذا خرق للسيادة، الآن يستقوون ‏على الفرنسيين، لكن أنا أسألكم سؤال، لو كان المبعوث أميركيًا وكانت الرسالة أميركية هل كنتم تتجرأون ‏وتقولون لن نكتب وجوابنا هو ما قررته اللجنة الخماسية؟ أو لو كان المبعوث من إحدى الدول العربية ‏الأساسية هل كنتم ستقولون ذلك؟ هذا على كل حال نقاش، بمعزل عن الجوهر أناقش بالشكل. هناك أناس ‏قاموا وجمّعوا تواقيع، وطبعًا أنا أسمع لتصريحاتهم وأقاويلهم، أنا أصنّفهم صنفان، هناك صنف لا يمثل ‏أحد، يمثل نفسه، يمكن لا يمثل زوجته حتى في المنزل، هؤلاء لا أتعب نفسي أن أقرأ تصريحاتهم وحكاياتهم. وهناك ‏صنف يُمثّل، قوى سياسية وكتل نيابية ونواب منتخبين وإلى آخره.. من الطبيعي أن تقرأ له لأنه نحن ‏نحترم الرأي الآخر ويهمنا أن نعرف الآخر ماذا يقول، لا نسد أذاننا ولا نغمض أعيننا كما هم يفعلون. ‏حسنًا، ماذا يُقال؟ يُقال في الملف الرئاسي ما يلي، هذا بالأمس قيل من قبل جهة أساسية في الفريق الآخر، ‏يقولون أولًا نحن نرفض الحوار، يعني يقولون للودريان وغير لودريان نحن نرفض الحوار، ماذا نفعل إذا ‏الشخص يرفض الحوار؟ تأتي به إلى الحور رغمًا عنه؟ نحن لن نقوم برد فعل، يعني يمكن الشخص ‏بلحظة من اللحظات أن يغضب ويقول أنا أيضًا لا أريد حوارًا وانتهى، لكن لأنه نحن لدينا المنطق ولدينا ‏الدليل ولدينا الحجة ولسنا ضعفاء ولسنا منقاضين لأحد وأصحاب قرارنا، نحن لا نخاف من الحوار ونبقى ‏نطالب بالحوار وجاهزون للحوار، طبعًا لا نتسوّل الحوار من أحد، لذلك بآخر خطاب قلت لإخواننا قللوا ‏الحديث عن الحوار، حتى البعض لا يُخمّن أننا نطالب بالحوار لأننا مأزومين ومحتاجين وضعفاء، أبدًا ‏أبدًا، هذه واحدة من تناقضات الخطاب السياسي والإعلامي عند الطرف الآخر الذي طبعًا بعضهم يقدّم في ‏معركة الرأي العام يُقدّم لنا خدمات جليلة وأنا أشكرهم على ذلك نتيجة تناقضاتهم وغبائهم وجهلهم ‏والمعلومات الخاطئة التي يُقدّمونها وما شاكل. ساعة يقول لك حزب الله مأزوم وبمأزق وضعيف وخائف ‏ومرتبك، بعد نصف ساعة ينسى، حزب الله فائض القوة، يسيطر على الدولة، يسيطر على كذا، يريد أن ‏يأخذنا، اختاروا، إما هذه وإما تلك، كيف ضعيف وقوي؟! ‏
حسنًا، لا يريدون حوارًا، هذه النقطة الأولى. ‏

النقطة الثانية، يقولون لن نسمح بوصول مرشح الممانعة لرئاسة الجمهورية، يعني معنى ذلك أنه يعود ‏ويقول لك إذا حصل تفاهم ما يمكن أن يؤدي إلى نيل المرشح الذي يقولون عنه مرشح الممانعة إلى ‏النصف زائد واحد يعني هم يريدون أن يعطلوا النصاب، بالتالي يقفلون الباب على انتخاب رئيس، كلام ‏واضح. ‏

والنقطة الثالثة والتي هي أخطر شيء بهم، نحن نريد رئيسًا لبناء دولة تواجه حزب الله، يعني هم لا ‏يريدون بناء دولة لحل مشاكل الناس، الآن في لبنان هناك مشكلة كهرباء وماء وبطالة وليرة ودواء ‏ومستشفيات و..و..و… كل هذا لا يريدون بناء الدولة، أن مؤسسات الدولة في مرحلة خطرة لا نريد إنقاذها من ‏الخطر، نحن نريد بناء دولة لنواجه حزب الله، هذا يبيّن لكم أنهم في خدمة أي مشروع، هذا مشروع وطني ‏أو هذا خدمة للأميركي، من يريد مواجهة حزب الله؟ من يطالب بنزع سلاح حزب الله؟ أول أناس بالكرة ‏الأرضية يطالبون بنزع سلاح حزب الله هي “إسرائيل”، سيقولون السيد يتهمنا أننا إسرائيليين، لا، لكن أنتم ‏تخدمون الهدف الإسرائيلي المُعلن الذي لا يحتاج إلى استدلال، إسرائيل وأميركا هم الذين يدورون ليل ‏نهار على موضوع نزع سلاح حزب الله، فيأتي فريق سياسي ويقدم نفسه على أنه سيادي ووطني ويقول ‏لك نحن نريد رئيس لبناء دولة مواجهة مع حزب الله، دولة تنزع سلاح حزب الله، “إذا فيكم يلا لا تقصّروا”، ‏لكن هذا يدل على العقلية التي لا يمكن أن تبني دولة ولا يمكن أن تبني وطنًا ولا يمكن أن تساهم بإخراج ‏لبنان من الأوضاع الصعبة التي يعيشها، على عقلية تريد أن تأخذ لبنان إلى الحرب الأهلية، بعد خطابي الأخير خرج الكثيرون ليقولوا السيد ‏يتهم جهات بأنها تدفع إلى الحرب الأهلية وهذا غير صحيح، أنا أقول هذا صحيح ‏‏مئة بالمئة، والشواهد والأدلة والأرقام واليوميات تؤكد على ذلك، البعض قال بأن السيد ‏يمارس حرب نفسية على اللبنانيين بالتهويل بحرب أهلية، أنا لا أمارس حربا ‏نفسية على اللبنانيين، ولا أهول عليهم ولا أحتاج أن أهول عليهم، وإنما أقول لهم ‏الحقيقة، الحقائق والوقائع التي يُريد البعض العمل لها، والبعض يرى أحلامه لا ‏يمكن أن تتحقق إلا على حطام لبنان، وعلى هياكل عظمية للشعب اللبناني، ولذلك ‏نعم هو يدفع في هذا الإتجاه، حسنا أمام هكذا فريق ومشروع سياسي وهكذا عقلية ‏وخطاب، فلترشدوننا، ماذا نفعل؟

النقطة التالية أننا أمام هذا الوضع المعقد قبل مدة ‏ذهبنا بإرادة الطرفين الى الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر، والظاهر أنه ‏حتى الآن أن الحوار الوحيد المفتوح في البلد والذي ينتظر والذي يمكن أن يعول ‏عليه هو هذا الحوار، بهذا الحوار أيضا أريد أن أتكلم كلمتين، النقطة الأولى، نحن في ‏الحوار مع التيار الوطني الحر بالنيابة عن حزب الله، وليس بالنيابة عن بقية ‏حلفائنا وأصدقائنا، وبالتالي عندما نتفق إذا إتفقنا إن شاء الله هذا لا يلزم حلفاءنا ولا ‏يلزم أصدقاءنا حكما، وإنما الطبيعي جدا أن نقوم بأخذ نتيجة هذا الحوار لنعرضه ‏على حلفائنا وعلى أصدقائنا ونتكلم سويا ونأخذ القرار سويا، ولا يجوز أن يتصرف ‏أحد، أولا أن يظن الحلفاء والأصدقاء أننا نأخذ القرار ونمشي به، لم نكن كذلك ولا ‏يوم، فيما يتصل بنا جميعا، وأيضا الإخوة في التيار هم يعرفون ذلك، بأنه في نهاية ‏المطاف إذا إتفقنا فهذا أمر ثنائي، وهذا يحتاج إلى جهد مع بقية القوى السياسية في ‏لبنان، بالنسبة لنا بالتأكيد نحن معنيين أن نتكلم مع حلفائنا وأصدقائنا ونتفق نحن ‏وإياهم، النقطة التالية أننا في حوار جدي قلت سابقا أنه يحتاج إلى وقت، وهنا أريد ‏أن أوضح قليلا، لأنني أتابع الإعلام والمقالات، كل يوم، أين أصبح الحوار؟ هل ‏هناك تقدم؟ لا يوجد تقدم؟ يوجد وجهات نظر، طبعا الكثيرين يتكلمون أمانيهم، لا ‏يتكلمون الوقائع الخارجية، أصلا جزء كبير من الإعلام اللبناني هو إعلام الأماني ‏والنوايا وليس إعلام الوقائع والحقائق الخارجية، الموضوع بطبيعة الحال يحتاج ‏إلى وقت لماذا؟ لأنه عرض علينا، أنا يمكنني أن أتكلم لأن المسؤولين بالتيار ‏يتكلمون، واحد عنوان اللامركزية الادارية والمالية الموسعة أو الضيقة كما تريدون، تم الإعتماد أن مادة النقاش هو ‏إقتراح القانون الموجود في مجلس النواب، والذي في السابق شكلت لجنة فرعية ‏نيابية وناقشت نصف المواد وأجرت التعديلات عليه وتوقفت نتيجة الأحداث في لبنان ‏أو نتيجة إنتهاء ولاية المجلس على كل حال عن مناقشة بقية المواد، إذاً نحن أمام ‏قانون لعدد كبير من المواد، بحاجة أولا إلى أن نناقشها ثنائيا مادة مادة لنتفق، ثم ‏نتفق أو نختلف وكيف بعد ذلك نتفق، هذا نقاش، وإذا إتفقنا على مسودة ما أو على ‏إقتراح ما بطبيعة الحال معنيون أن نناقش ذلك مع الأصدقاء والحلفاء وأيضا مع ‏قوى سياسية أخرى، لأن هذا القانون يحتاج إلى إقرار في المجلس النيابي، ويحتاج ‏إلى أغلبية للموافقة عليه في المجلس النيابي، فإذاً نحن أمام إقتراح قانون فيه ‏عشرات المواد ونحن نناقش بشكل جدي هذه المواد، ثانيا، الأولويات الرئاسية التي ‏طرحها التيار، طبعا أصبحت أجوبتنا جاهزة وسندخل في نقاش خلال أيام القليلة ‏بالأولويات الرئاسية، وبقانون اللامركزية الإدارية أيضا ناقشنا داخليا وشكلنا ‏اللجان وناقشنا ووصلنا إلى نتائج ورؤية معينة، وستشكل لجان للحوار المباشر. ‏والنقطة الثالثة التي هي الصندوق الإئتماني، حتى الآن لا يوجد مادة قانونية، لا ‏يوجد إقتراح مفصل، بل يوجد بعض الأفكار والتي أيضا تحتاج إلى مزيد من النقاش، ‏إذاً من أجل أن نكون واقعيين، نحن أمام نقاش جدي وعميق ويحتاج إلى بعض ‏الوقت، إلى أين يمكن أن نصل؟ لا يوجد شك أن هذه الموضوعات هي موضوعات مهمة جدا ‏للبنان، موضوعات إستراتيجية، موضوعات تفتح أفاقا كبيرة ومهمة، ولكن بالتأكيد ‏هي بحاجة إلى توافق، إلى توافق سياسي مع كثير من القوى السياسية، لأنها ‏جميعها تحتاج إلى قوانين في المجلس النيابي، في كل الاحوال إلى أين يمكن أن ‏نصل؟ نحن نبذل جهدنا وهذا هو الحوار المفتوح الآن والمتاح الآن ونأمل أن نصل ‏فيه إلى نتائج، في كل الأحوال في الأيام القليلة المقبلة سنرى التطورات، هل سيأتي ‏الموفد الفرنسي؟ متى سيأتي الموفد الفرنسي؟ وماذا سيحمل معه من أفكار؟ قديمة او ‏جديدة؟ كيف ستتعاطى القوى السياسية؟ لا شك عندما ندخل في شهر أيلول نكون قد ‏دخلنا في مرحلة مهمة جداً زمنياً على مستوى الاستحقاق الرئاسي.

يبقى لدي ‏نتقطتين في آخر الكلمة، تذكير أو الوقوف عند مناسبتين.

المناسبة الأولى ذكرى ‏تغييب الإمام القائد السيد موسى الصدر ورفيقيه سماحة الشيخ محمد يعقوب والأستاذ ‏السيد عباس بدر الدين، أعادهم الله جميعا بخير، طبعا هذه الذكرى وهذه المناسبة ‏هي مناسبة أليمة لكل اللبنانيين ولكل الشعب اللبناني ولكثير من العرب والمسلمين ‏في العالم، لما كان يمثله الإمام السيد موسى الصدر من قيمة إسلامية وعربية ‏ووطنية وجهادية وفكرية وعلمية وإيمانية ودينية، اليوم عندما تأتي هذه الذكرى ‏طبعاً نحن نستعيد تلك المرحلة القاسية والصعبة، ونستعيد الإستهداف، لماذا ‏استهدف هذا الإمام وهذا القائد وفي أي سياق جاء هذا الأمر، في كل الأحوال اليوم ‏نحن أيضاً نضم صوتنا إلى صوت إخواننا في قيادة حركة أمل، إلى جمهور حركة ‏أمل وقواعد حركة أمل، إلى إخواننا في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ونعتبر ‏أنفسنا جميعا أبناء هذا الإمام الكبير والجليل، ونعتبر أنفسنا جميعا تلامذته والذين ‏نواصل دربه، نواصل دربه في المقاومة، نواصل دربه في إحتضان المقاومة ‏الفلسطينية التي كان يقول سأدافع عنها بعمامتي ومحرابي ومنبري، نواصل دربه ‏في التطلع إلى القدس التي كان يقول إن شرفها يأبى أن تتحرر إلا على أيدي ‏المؤمنين، ونواصل دربه في الإصرار على العيش الواحد في لبنان، نواصل دربه ‏في الإيمان بلبنان وطنا نهائيا لجميع أبنائه، يأبى التقسيم والتجزئة والتفتيت بأي ‏عنوان من العناوين، هذا الخط الواضح البيّن الجهادي المقاوم الشريف، نحن جميعا ‏إن شاء الله سنواصله، وستبقى قضية هذا الإمام حيّة، حتى يعود كما نأمل جميعا ‏حتى يعود مع رفيقيه إلى ساحة جهاده وإلى ساحة نضاله وعمله وإن كان قد كبر به ‏السن، نُعبّر في هذه المناسبة عن تضامننا ووقفتنا إلى جانب إخواننا الذين تحملوا ‏هم منذ البداية مسؤولية هذه القضية ومتابعتها حتى الحظة الاخيرة.

النقطة الأخيرة ‏هي ذكرى الأربعين، أود أن أُلفت نظر اللبنانيين والمنطقة والعالم إلى المشهد المهيب ‏الذي يتشكل اليوم في العراق على طريق كربلاء، من بغداد إلى كربلاء، من النجف ‏الأشرف إلى كربلاء، من البصرة إلى كربلاء، من مدن العراق المختلفة إلى ‏كربلاء، من حدود العراق المختلفة إلى كربلاء، حيث يحتشد الملايين من داخل ‏العراق ومن خارج العراق ويمشون لِمئات الكيلومترات في هذا الحر الشديد، ‏بإتجاه مدينة كربلاء التي تحتضن الضريح الذي يحتضن القبر الذي يحتضن جسد ‏سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) وأجساد الشهداء معه، هذه الملايين التي ‏تذهب مشيا على الأقدام، ما الذي يدفعها إلى المشي في هذا الحر الشديد؟ المشهد ‏يدفع إلى الكثير من الأسئلة الفكرية والثقافية والإيمانية والعقائدية والعاطفية والروحية ‏والانسانية، خصوصا في هذا الزمن، زمن القحط، القحط الفكري والإنحطاط الفكري ‏والثقافي، لماذا إنحطاط ؟ اليوم في قلب أميركا وفي قلب أوروبا التي يقدمون فيها أنفسهم ‏كشعوب متحضرة للعالم، نجد موجة كبيرة اليوم من الكلاب البشريين، من البشر ‏الكلاب، من البشر الحيوانات، هذا مستوى يعبر عن إنحطاط، هناك من يريدون ‏أن يتحولون إلى كلاب وهناك من يريد أن يتحول إلى خنازير، ويريدون من بقية ‏الشعوب أن يفعلوا مثلهم، وهناك أناس ذاهبون إلى الإنحطاط إلى الأخير في ‏الموضوع الأخلاقي، في الموضوع الجنسي، في موضوع الأسرة، على كلٍ، هذا ‏المشهد يُثير الكثير من الأسئلة، كيف يمكن خلال أيام قليلة لبلد خارج من حرب، ‏أن يحتضن عشرين مليون أو 27 مليون أو 25 مليون، وتتم إدارة هذه المواكب ‏المليونية، وإطعامها وسقايتها وتأمينها على المستوى الأمني، وتأمين مأوى لها، ‏مكان إقامة ومكان نوم، المشهد الذي يُعبّر عن كرم العراقيين، والعائلات العراقية ‏والعشائر العراقية الذين على مدى أيام يقدمون الطعام والشراب ومن كل الأشكال، ‏إلى حد الكرم المفرط، هذا مشهد مثير، مشهد مهيب ومشهد كبير، يحتاج في الحقيقة ‏للتوقف عنده، أيضاً هذا المشهد يعبر عن واحدة من نقاط القوة في هذه الأمة، الذي ‏لو أستفيد منه ويُعمل على الإستفادة منه سيكون له تأثير مهم على مستوى المنطقة، ‏نحن نتمنى لمشاهد مليونية من هذا النوع، كما في موسم الحج، أن تكون مواسم ‏للبراءة من الطغاة والمحتلين والمجرمين والمهيمنين والمستكبرين، كما تتحول ‏بالفعل مسيرة الملايين في يوم الأربعين إلى هذا المعنى، اليوم نشهد وجود فلسطين في مسيرة الأربعين، وجود القدس ‏في مسيرة الأربعين، في المؤتمر، في زيارة الحسين، في الطريق من النجف إلى ‏كربلاء، المعارض والصور والرايات والإسم والعنوان، الذين يمشون إلى كربلاء ‏اليوم يُشاهدون صور الأسرى في سجون فلسطين المحتلة، يُشاهدون مجسمات ‏القدس الذي يحتله الصهاينة، ويتفاعلون بقوة، هذه مناسبة تتحول مع الوقت إلى ‏منبعٍ معنويٍ وروحيٍ هائل لحركة المقاومة ولمحور المقاومة في المنطقة، وهذا ‏ببركة الإخوة العراقيين والشعب العراقي والعائلات العراقية والكرم العراقي، الوفاء العراقي لسيد ‏الشهداء أبي عبد الله الحسين(عليه السلام)، آمل من الزوار اللبنانيين وأعرف أن هذه ‏السنة هناك أعداد كبيرة ستذهب، أن يتفاعلوا مع بقية الزوار، أن يندمجوا مع بقية ‏الزوار، أن يُقدموا الصورة المشرقة والطيبة والجيدة كما فعلوا في السنوات ‏الماضية أيضاً عن لبنان وعن شعب لبنان وعن مقاومة لبنان، وأن يستفيدوا كامل ‏الإستفادة الروحية والمعنوية والإنسانية والثقافية من هذه المناسبة العظيمة، هناك ‏تحت قبة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين(عليه السلام)، وأن يَصبروا على الحر ‏الشديد وعلى الصعوبات وعلى تعقيدات الذهاب و تعقيدات العودة المعتادة، وأن ‏يذهبوا إن شاء الله بسلام ويعودوا بسلام، وهكذا دعاؤنا لكل الزوار الذين سيأتون ‏من كل أنحاء العالم، من داخل العراق ومن خارج العراق، أن يحفظهم الله، وأن ‏يُسلمهم الله، وأن يتقبل منهم سعيهم وزيارتهم بعونه تعالى.

مُباركٌ لكم مجدداً، ‏للشعب اللبناني، لكل شعوب المنطقة التي كانت في موقع مواجهة مشروع الهيمنة ‏الأميركي الجديد على المنطقة وعلى لبنان، مُباركٌ عيد التحرير الثاني وخصوصاً ‏لأهلنا في البقاع وفي بعلبك الهرمل.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شارك المقال:

زر الذهاب إلى الأعلى