مبادرة رائدة من مغتربين .. أدوية سرطان من كندا إلى لبنان مجاناً!
صحيحٌ أنَّ الأزمة الماليَّة التي يعيشها لبنان فرضت واقعاً صعباً على القطاع الإستشفائيِّ والدّوائي في لبنان، إلا أنَّ المبادرات التي تأتي من المغتربين في الخارج تُثلج القلوب وتؤكد أن الصعوبات ستنكسِر وسيبقى الوطنُ صامداً مهما اشتدت التحدّيات.
من كندا إلى بيروت، تتجسّدُ خطوةٌ مهمة جداً ينفذها مغتربون لبنانيون على صعيد الواقع الصحي والدوائي في وطنهم الأم.. حقاً، ما يحصُل ليس عادياً أبداً ويستحقّ الإضاءة عليه بقوّة، والسبب هو أنَّ تلك المبادرة التي يجري تنفيذها تُنقذ أرواح المئات في لبنان وسط المعاناة الدوائيَّة، وهنا النقطة الأهم والأكثر بروزاً.. فما الذي يقومُ به المغتربون؟ ما هي خطوتهم ومبادرتهم اللافتة تجاه لبنان؟
خلال السَّنوات الماضية، أسّس عددٌ من المغتربين في كندا ما يُسمى بـ”إتحاد الأرز”، وهو تجمّعٌ معني بتلاقي اللبنانيين في الإغتراب أولاً وبمساعدةٍ أبناء الوطن في لبنان. وعقب إنفجار مرفأ بيروت عام 2020، سعى الإتحاد المذكور للعمل على توفير أدويةٍ للبنانيين مجاناً، وذلك عبر شحنها إلى بيروت.
وبشكلٍ أدق، فإن “إتحاد الأرز” معنيّ بشكل أساسي بتزويد بعض الجهات الصحية في لبنان بأدوية السرطان “مجاناً”، وهي خطوةٌ شكلت انعطافة إيجابية في حياة الكثيرين خصوصا الأطفال.
في السياق، يقولُ ألبير سليمان وهو مغترب لبناني في كندا ومن مؤسسي “إتحاد الأرز” لـ”لبنان24″ إنّ “التواصل مع مختلف الجهات الصحية في لبنان قائم ومستمر، وتحديداً مع تلك المعنية بعلاج مرض السرطان، وعلى سبيل المثال “مستشفى سان جود” الذي يهتم بالأطفال المُصابين بالداء الخبيث”، وأضاف: “هدفنا دائماً هو مساعدة وطننا، صحيحٌ أننا خرجنا من لبنان وانتقلنا إلى بلدٍ آخر، لكن وطننا لم يخرج منا وهو باقٍ في قلوبنا ونسعى دائماً لمساعدته من مواقعنا ومن بلاد الخارج”.
ضمن حديثه، يشرح سليمان آلية مساعدة لبنان بأدوية السرطان، ويسرد الخطوات الاتية:
1- في بادئ الأمر، قمنا بالتواصل مع أهلنا في لبنان لمعرفة الاحتياجات الدوائية، وبعد إستطلاع الوضع، تبيّن أن الطلب كبيرٌ جداً على أدوية السرطان.
2- طبعاً، نحتاجُ في كندا إلى سياقٍ قانوني نضمنُ من خلاله نقل الأدوية إلى لبنان. ولهذا الغرض، تعاقدنا مع شركة “HPIC” الكندية. وباختصار، فإن هذه الشركة المذكورة تتلقى تقديمات دوائية مجانية من مختلف الشركات المعنية بصناعة الدواء، ومن خلالها يمكن شحن الأدوية إلى أي دولةٍ في العالم.
3- خلال الفترة الماضية، بات إسم “إتحاد الأرز” مُدرجاً ضمن قائمة شركة “HPIC”، ونظراً لأن طلبنا يتركز على أدوية السرطان، فقد أضحت الشركة تُبلغنا فوراً عن أي مساعدة دوائية تتلقاها في إطار الأدوية المذكورة. هنا، نعطي الشركة إشعاراً بأننا بحاجة لتلك المساعدة، وكل ما يحصل هو أننا ندفع لها ثمن شحن الأدوية عبر الحاويات أو من خلال الجو.
4- عملياً، فإننا لا ندفع ثمن الأدوية ولا حتى الشركة المذكورة، كل ما في الأمر هو أن التكلفة التي تترتب علينا ترتبط فقط بالشحن. هنا، يدخل المغتربون اللبنانيون على الخط، فيتم جمع مبالغ مالية لتأمين تكلفة الشحن التي تضعها شركة “HPIC”. وإثر ذلك، نقومُ بإرسال الشحنة إلى لبنان ويجري تسليمها للجهات التي تواصلنا معها مُسبقاً، والشرط الأساسي أن يتلقى المستفيدون تلك الأدوية مجاناً ومن دون أي تكلفة.
وبحسب سليمان، فإنَّ تلك الأدوية تدخلُ بشكل قانوني إلى لبنان، ومن المرتقب وصول شحنة جديدة إلى بيروت خلال وقتٍ قريب جداً، ويضيف: “في سبيل تمويل تكاليف شحن الدواء، يُقيم الإتحاد أنشطة مختلفة يعود ريعها للأمر المذكور. هنا يمكن التعاون وما نراه هو أن اللبناني لا يبخل أبداً على بلده، والأهم هو أننا نُساعد أطفالنا وأهلنا في لبنان ونقدم لهم الدواء ضمن السبل المتاحة”.
في خلاصة القول، يمكن القول إنّ ما يفعله “إتحاد الأرز” في كندا ليس مثالياً فحسب، بل هو عملٌ وطني بإمتياز ويُحاكي الإنسانية التي ما زالت متجذرة في قلوب اللبنانيين أينما كانوا.. فعلاً، إنها أصالةٌ متجذرة في أبناء البلد.. هكذا كانوا وهكذا سيبقون دائماً وأبداً…