السيد نصرالله: احياء يوم القدس جزء أساسي من معركة تخوضها أمتنا لتحرير فلسطين
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبو القاسم محمد بن عبد الله. وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار و المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.
عاما بعد عام يتأكد أن أحياء يوم القدس العالمي الذي دعا إليه وأعلنه سماحة الإمام الخميني قدس سره الشريف قبل أكثر من 40 سنه وأكد عليه سماحة الإمام الخامنئي دام ظله، يتأكد أن هذا الأحياء هو جزء أساسي وحقيقي من المعركة الكبرى التي تخوضها أمتنا وشعوبنا من أجل تحرير القدس وفلسطين، كل فلسطين. وهذه المعركة التي يتقدم اليوم صفوفها الأولى محور المقاومة بدوله وشعوبه وحركات المقاومة فيه.
وفي كل عام. في أخر جمعة من شهر رمضان تلتقي كل العقول والقلوب والإرادات والمشاعر والساحات والميادين والجبهات والقبضات والسواعد والمنابر والأصوات والحناجر والأقلام، كلها تلتقي على محورية القدس وقضيتها واستعادتها من براثن الاحتلال”.
ومن الطبيعي في كل عام في كل يوم قدس أن نأخذ بعين الاعتبار كل التطورات الحاصلة من عام إلى عام. هذه السنة كانت هناك الكثير من التطورات والأحداث المهمة جدا على مستوى العالم وعلى مستوى الإقليم، على مستوى منطقتنا ،وعلى مستوى داخل الكيان الصهيوني المؤقت وعلى المستوى الفلسطيني. وكل هذه التطورات برأيي تخدم بشكل إيجابي مسار صراعنا الطويل في محور المقاومة مع المشروع الصهيوني مع مشروع الاحتلال الصهيوني ومشاريع الهيمنة الأمريكية.
على المستوى الدولي طبعا أنا سأتحدث عن هذه العناوين باختصار. على المستوى الدولي يسير العالم بثبات نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب. يعني نسير إلى الوضع الذي تنتهي فيه هيمنة القطب الواحد المتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية صاحبة المشروع الاستحواذي ومشروع الهيمنة في منطقتها في منطقتنا، والحامي المطلق للكيان الصهيوني والعالم يسير في هذا الاتجاه، ما يجري في أوروبا في أوكرانيا بين روسيا والناتو، بين روسيا وأمريكا، التجاذب المتصاعد بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وحيرت الموقف الأوروبي في هذا الوسط، انعكاس هذا الموقف على دول مهمة ومؤثرة في العالم.
على مستوى المنطقة، خلال هذا العام شاهدنا بشكل واضح ورسمي فشل مشاريع الإرهاب والعدوان وأيضا شاهدنا بداية انفتاح دول المنطقة على خيارات التهدئة والحوار والتلاقي والتوافق، وهذا ما عبر عنه اللقاء الإيراني السعودي في الصين والذي بدأت تداعياته تظهره وبشكل متسارع، الاتجاه لحل المشاكل البينية بين مختلف دول منطقتنا بالدبلوماسية والحوار.
بالتأكيد هذا المسار الجديد في المنطقة يساعد في سد أبواب الفتن المتنوعة والصراعات الداخلية الحادة والتمزقات المؤلمة والمؤذية في جسد أمتنا والتي كان يراهن عليها دائما على العدو الصهيوني.
وهذا المسار الجديد يعني مسار التلاقي والحوار والتوافق والتفاهم سيؤثر سلبا على مسار التطبيع في المقابل، وعلى المشروع الإسرائيلي الطامح لتشكيل محور إسرائيلي عربي في مواجهة إيران وفي مواجهة محور المقاومة.
على مستوى المنطقة أيضا، شاهدنا هذا العام أكثر من أي زمن مضى خروج محور المقاومة من محنة السنوات الماضية قويا مقتدرا متماسكا، وما نشهده في الأسابيع الماضية وهذه الأيام و سنشهده إن شاء الله في الأسابيع المقبلة فيما يتعلق أيضا بالتطورات المرتبطة بسوريا وتواصل الدول العربية معها وعودة العلاقات إلى طبيعتها.
على مستوى الكيان الصهيوني وما يعانيه من أزمات داخلية عميقة كنا نرصد بداياتها ومؤشراتها منذ سنوات، دائما بالسنوات الماضية كنا نحكي عن هذا الموضوع، هذا الوضع المأزوم والانقسام العميق لا سابقة له في تاريخ الكيان منذ 75 عام باعتراف الصهينة أنفسهم وإجماعهم على هذا التقييم، وقلقهم الوجود الذي باتوا يعبرون عنه بوضوح.
على المستوى والفلسطيني تأتي المقاومة الفلسطينية المتصاعدة في الضفة الغربية والقدس لتكون برأيي من أهم العوامل الحاسمة في هذا الصراع، الاحتضان الشعبي العظيم للمقاومة وخيارها و مجاهديها وشهدائها في الضفة، المشاركة الشبابيه في العمليات والمواجهات اليومية، العناد والعزم الذي يبديه الفلسطينيون في مقابل الخوف والارتباك لدى الصهاينة، الحضور الكبير في المسجد الأقصى وخصوصا في هذه الأيام والليالي، وبالرغم من كل الاعتداءات القاسية والصعوبات الكبيرة. كذلك تنامي قدرات المقاومة في قطاع غزة والتفاف الشعب الفلسطيني حول خيار المقاومة في داخل فلسطين وفي خارج فلسطين. كل هذه التطورات الفلسطينية المهمة تضعنا أكثر من أي وقت مضى في دائرة اليقين بنتائج هذا الصراع، إضافة إلى التطورات على مستوى الكيان وعلى المستوى الإقليمي وعلى المستوى الدولي.
في هذه المرحلة الحالية يجب أن تتمركز الجهود على دعم على دعم الضفة والقدس وعلى إسناد المقاومة المسلحة وعلى إسناد الأهالي والناس الصامدين هناك والذين يشكلون بيئة المقاومة وسندها وأساس تواصلها وتداومها.
الضفة اليوم بحق هي درع القدس كما اتخذ هذا الشعار وهذا العنوان رمزا ليوم القدس في هذا العام، الضفة اليوم بحق درع القدس، أهلها ورجالها ونسائها وصغارها وكبارها، هم يشكلون اليوم الخط الأمامي للدفاع عن القدس عن بيت المقدس عن المسجد الأقصى وعن كنيسة القيامة عن المقدسات الإسلامية والمسيحية والحفاظ على وجودها وعلى هويتها، وكانوا دائما وما زالوا ويثبتون كل يوم أنهم بمستوى التحدي وبمستوى هذه المسؤولية التاريخية.
ما يجب أن يشغلنا جميعا في محور المقاومة وفي هذه المرحلة بالذات هو كيف نقدم المساندة المفيدة والدعم الأقوى على كل صعيد، لتستمر هذه المقاومة في الضفة وهذه الانتفاضة الشجاعة، وأن نعرف جميعا أن هذه المسؤولية اليوم يعني مسؤولية اسناد الضفة التي هي درع القدس، هي مسؤولية دينية وإيمانية وجهادية وتاريخية وإنسانية وأخلاقية وسنسأل عنها جميعا يوم القيامة إن قصرنا ونؤجر ونثاب عليها جميعا أن قمنا بالواجب بين يدي الله سبحانه وتعالى على هذا الطريق.
مضى الشهداء كل الشهداء وبينهم الشهداء العظام من القادة من العلماء في حركاتنا في حركات المقاومة وفي شعوبنا وفي دولنا وحكوماتنا ومن بينهم شهيد القدس القائد الكبير الحاج قاسم سليماني الذي نفتقد جسده ولكننا نشعر أن روحه الطاهرة وعزمه الثابت حاضران معنا بقوة.
أيها الأخوة والأخوات، للحديث صلة وتفصيل أكثر يوم الجمعة في يوم القدس العالمي إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.