تقنين الكهرباء يلاحق اللبناني.. من الدولة الى اصحاب المولدات

ذوالفقار ضاهر

 

المواطن اللبناني هو من يدفع الثمن، في شد الحبال القائم بين أصحاب المولدات والدولة العاجزة منذ سنين بعيدة عن تأمين الكهرباء للناس كما تفرضه بديهيات الامور، واليوم ترمي المشكلة بين المواطنين وأصحاب المولدات الذي يشكلون احدى الظواهر اللبنانية الفريدة التي أفرزتها الحالة اللاطبيعية لحال الخدمات العامة في لبنان وغياب الوجود الحقيقي لمؤسسات الدولة وأجهزتها العاملة.

وبعد كل ذلك قررت الدولة ممثلة بوزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال رائد خوري إصدار القرار بإلزام أصحاب المولدات بتركيب العدادات لجميع المشتركين وبالتالي على اللبناني ان يدفع فقط بقدر ما يصرف من كهرباء، الأمر الذي رفضه أصحاب المولدات لانه لا يحقق لهم الارباح الكافية من جيوب الناس، وعمدت وزارة الاقتصاد الى تسيير دوريات تفتيشية وتنظيم محاضر ضبط بحق اصحاب المولدات المخالفين الذين تمنعوا عن تركيب العدادات، ما دفع هؤلاء الى الاعلان عن تقنين كهربائي أمس الثلاثاء لمدة ساعتين في أغلب المناطق اللبناني(الكثير من أصحاب المولدات قطع الكهرباء لمدة ساعة تقريبا فقط كنوع من الانذار التحذيري للناس)، حيث أطفئت المولدات للضغط على المواطن الذي أحس بصعوبة المسألة نتيجة الصعوبات التي يحدثها غياب الكهرباء عن البيوت والمؤسسات والمصالح المختلفة ونحن في العام 2018.

ومساء الثلاثاء رد وزير الاقتصاد اللبناني بالتهديد بتنفيذ الوعود التي سبق ان أطلقها بمصادرة المولدات التي لا يلتزم اصحابها بقرار تركيب العدادات وعندما سُئل في احد البرامج التلفزيونية عن البديل عن مصادرة المولدات حيث ستؤدي الى مضاعفة الازمة لا معالجتها، قال الوزير خوري إن “البديل سيكون بأن المولد المجاور او القريب للمولد التي تتم مصادرته سيأخذ كافة المشتركين لدى المولد المصادر!!”، هكذا تدبير وهكذا تصريح لمسؤول لبناني يطرح تساؤلات كثيرة عن الاسلوب التي تدار به الامور عبر اتخاذ القرارات بشكل لا فائدة منه وغير مجد بدل الذهاب نحو حلول منطقية وعملية وجذرية تؤدي الى سحب فتيل الازمة والعمل الجدي من قبل الدولة والمسؤولين لاعطاء الناس حقوقهم الطبيعية بالحصول على كهرباء لمدة 24 ساعة على 24 ساعة بدون أي تقنين لا من مؤسسة الكهرباء ولا من أصحاب المولدات، ما يجعل المواطن يتعاطى مع الدولة مباشر دون بدائل او وسطاء يتحكمون به في يومياته ومصالحه وحياته.

علما ان أصحاب المولدات يدعون انهم يلجأون الى التقنين على المواطن لان قرار تركيب العدادات سيؤدي الى تكبيدهم خسائر كبيرة، الامر الذي تنفيه وزارة الاقتصاد وتعتبر ان استغلال وضع الناس وعدم الرغبة بتخفيف الارباح الباهظة هو الذي يدفع اصحاب المولدات لعدم تركيب العدادات، ولذلك يعلن اصحاب المولدات بصراحة انهم يضغطون على الناس ليشكلوا بدورهم عامل ضغط على الدولة لتتراجع عن قرارها، علما ان هذا المواطن هو عامل الاستثمار الاول والاخير لأصحاب المولدات منذ سنين وحتى اليوم، ولكن من جعله عرضة سهل لابتزاز هؤلاء اليوم وفي الماضي هو عجز الدولة عن القيام بواجباتها من دون الغوص في الاسباب الحقيقية التي تقف خلف ذلك والتي تتركز بشكل كبير في الفساد المستشري وانتشار سياسة المحاصصة الطائفية في مختلف القطاعات الخدمية التي تقدمها الدولة منذ عشرات السنين لا سيما جراء سياسات الحكومات المتعاقبة منذ انتهاء الحرب الاهلية وحتى اليوم والتي زادت من تفاقم ازمة الكهرباء بدل السعي لحلها وايجاد المخارج المنطقية واللائقة عبر مشاريع وخطط مطبقة في غالبية دول العالم ولا تحتاج الى كثير من الابداعات والاختراعات.

وقد سجل مساء الثلاثاء حالات غير طبيعية انتشرت في مختلف المناطق اللبنانية جراء انقطاع الكهرباء وأعادت الناس الى زمن الحرب حيث لا كهرباء ولا اي نوع من الخدمات، ومن هذه الحالات عودة الناس الى استخدام ظاهرة “الشمع” سواء داخل المنازل او في المحلات التجارية، وقد انتشرت الصور ومشاهد الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأطفال يدرسون على ضوء الشمعة او على اصحاب بعض المهن يمارسون اعمالهم على نور الشمعة الخافت او عبر استخدام مصابيح اضاءة تعمل على البطارية او تشرج للحالات الطارئة وغيرها من الامثلة التي تظهر مدى السوء القائم في لبنان في العام 2018.

شارك المقال:

زر الذهاب إلى الأعلى