يبيع التين والصبّار… الطالب الجامعي ‘أحمد’ يحمل كتابه ويجلس خلف بسطته….’لتسديد فاتورة الاشتراك والمياه والباقي بضبوا للجامعة’ 

يبيع التين والصبّار… الطالب الجامعي ‘أحمد’ يحمل كتابه ويجلس خلف بسطته….’لتسديد فاتورة الاشتراك والمياه والباقي بضبوا للجامعة’

عند رصيف الكوثرية ـ الشرقية، يجلس أحمد خلف طاولة وضع عليها التين والصبّار، فقد تحوّل هذان النّوعان مصدر رزقه هذه الأيام، بعدما عجز عن إيجاد فرصة عمل له، فقرر بيعهما وقد ارتفع الطلب عليهما هذه الأيام، إضافة الى أنها تجارة مربحة.

قبل سنوات خلت، كان بيع التين محصوراً بأبناء حاصبيا الذين يبيعون نتاجهم في قرى النبطية، إلّا أن الأزمة اليوم فرضت نفسها على الشباب، فقرروا العمل، ولو بالتين.

على طول طرقات النبطية وقراها تنتشر بسطات التين والصبار وهي عائدة بمعظمها للشباب، ممّن قرروا خوض تجربة التجارة في زمن الأزمة.

يحمل أحمد كتابه، فهو يؤمن أن الثقافة جزء لا يتجزأ من تطوير البلد، غير أنه يدرك أنها لا تطعم خبزاً، فـ”التين والكتاب لا يلتقيان”، يقول “ولكنني أقرأ في انتظار زبون عابر تعجبه أكواز التين والصبار التي أعرضها”.

بابتسامة يقابلك وهو يردّد “تين بلدي وصبار ولا أطيب”، يحاول أحمد أن يبرمج يومه الطويل الذي يخترقه بين الحين والآخر زبون يريد تيناً وآخر صباراً، يؤكد أن الطلب عليهما كبير جداً فهما صحيان، أضف أنّ كثراً لا يملكون أشجار تين أو صبّار، وبالتالي يشترونهما”.

لم يكن يخطر ببال أحمد، طالب العلوم، أن يبيع التين صيفاً، فهو كان يعشق الترحال، ويمضي أيّامه على البحر، “غير أن الظروف تتطلب أن أكون قرب والدي، أقله أسدد فاتورة الاشتراك والمياه والباقي أجمعه للجامعة”.

تحوّل بيع التين والصبار مهنة العاطلين عن العمل، فالشباب يبحثون عن فرص جديدة لتوفير مردود وهذا ما يؤكده موسى وقد بدأ ببيع محصوله من التين العسلاني عند تقاطع النبطية المدينة الصناعية، يفتخر بحجم أكوازها الكبيرة، “فلكل صنف سعر والعسلاني أغلى من البقراتي لأنه نادر هذه الأيام”.

صحيح أن التين ثمرة صيفية غير مكلفة، غير أن الكيلو تجاوز الـ50 ألف ليرة لبنانية، ويختلف السعر بين التين “البقراتي” والتين “العسلاني” الذي عادة ما يدخل في صناعة المربيات، ويعد من أساسيات المونة الشتوية، وارتفع الطلب على هذا النوع من التين، ليكون بديلاً عن الحلويات والشوكولا، وهو ما كان يعتمده الأجداد “تحلاية الشتاء”.

اختار موسى التين دون سواه لأنه عملة نادرة على حد قوله، فالطلب كبير جداً في حين العرض محدود، لأن المساحات المزروعة منه تراجعت كثيراً، وينطلق الشباب من أن هذه الثمار غير مكلفة تحتاج فقط قطافاً “عالنّدى” أي باكراً، وتتطلب ساعة عمل تقريباً، ثم يتمّ حملها الى البسطة لعرضها.

خلف بسطة التين والصبّار، قصص مأسوية بالعشرات، فهناك من يعمل ليوفّر قسط جامعته ومنهم من يعمل ليؤمن الدواء والطعام لعائلته. لم يكن أمام محمد خيار آخر غير بيعهما لتوفير متطلبات حياته وجامعته، ففرص العمل باتت محدودة في لبنان والهجرة ليست ميسّرة، هذا ناهيك عن أن الراتب في الغربة استقرّ على الـ500 دولار إن وجد، فـ”الغربة لم تعد تطعم خبزاً كالسابق”. لم تكن مهنة بيع التين والصبار مرغوبة سابقاً عند جيل اليوم، الذي كان يهتم “بالبرستيج” أكثر، غير أن اشتداد الأزمة وحاجة الشبان لمورد رزق دفعاهم اليها، وتحوّل محمد وعلي وموسى وعشرات غيرهم بائعي تين جوالين، يعرضون بضاعتهم على المارّة ويفرحون ببيع كل صندوق.

المصدر : رمال جوني – نداء الوطن

شارك المقال:

زر الذهاب إلى الأعلى