الإعلامية ملاك درويش | إعلام الرسالة الواحدة

الإعلامية ملاك درويش

“‏إن الإنسان خلق لإعمار الأرض”، فما بالك بالإنسان العربي المميز بوحدة اللغة والدين والهوية والإيديولوجيا.. ولكن؟! بقي أسير التطور الرجعي الذي أثبت فشلنا الذريع في صناعة إنسان عربي مؤهّل قادر على قيادة سفينة التقدم، وأمعنّا في إنتاج إنسانٍ رهَنَ عقله وفكره لأدوات الإعلام السياسي الممنهج ليصبح مستهلك فقير الجهد والمجهود.

وإذا أردنا هنا الغوص في غمار التركيبة الإنسانية، السياسية والإعلامية التي تسكن عالمنا العربي وَجُبَ علينا عبور الدّهاليز التاريخية التي لا ترى بالعين المجردة نسبةً لما تراكم عليها من غبار الصراعات الغير بريئة.

ألم نسأل أنفسنا يومًا لماذا يعيش العالم العربي أزمات متواصلة منذ النكبة الفلسطينية؟ وكيف عاش العالم العربي أزمة انقسام سياسي كبير تبعه انقسام بالرأي بعد الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، عندما تخبّط العرب بين المعسكرين الشرقي والغربي؟

ومن انقسام الرأي يظهر الرأي المُضادّ، ومن الرأي المضاد تحاول الأنظمة تثبيت وجهة نظرها وحماية قاعدتها الشعبيّة عبر تمويل وإنشاء قنوات فضائية بمختلف أنواعها (صحف – راديو – وتلفزيون) للترويج والتّسويق السياسي، الأمر الذي أدّى إلى ظهور تخمة في وسائل الإعلام، ذات الرسالة الإعلامية السياسية الممنهجة بغية إحداث تأثير طويل الأمد على الشعوب العربية.

وفي قبال ذلك، وإذا أردنا مراقبة عمل هذه الوسائل الإعلاميّة التي تسير على سكة واحدة قائدها غربي مزج القوة السياسيّة التي يتمتع بها بالعربيّ صاحب السلطة السياسية، نستنتج أن القوة السياسية هي التي تتحكم بالسلطة السياسية والسلطة السياسية هي التي تقود الإعلام العربي.

ونظرًا لكثرة الصراعات في العالم العربي من عام ١٩٤٨ إلى يومنا هذا، ولأغراضٍ سياسيّة معروفة استهدفت مجتمعات وأضعفتها فكريا واجتماعيا واقتصاديا.. بهدف السيطرة عليها، ناهيك عن تشتيتها حيال قضايا أمميّة لطالما عمل عليها قادة شرفاء مثل “جمال عبد الناصر”، وعلى قائمتها القضيّة الفلسطينية التي يتسابق الإعلام السياسي بشتّى اسأليبه وسائله وحضوره الكبير العمل على تضييع البوصلة العربية بشكلٍ ممنهج.

وفي هذا الصدد، فإنّ حشو الإنسان العربي بالإعلام السياسي ليس بريئا، في ظل التّمدّد الكبير للفضائيّات المقولبة بأجندات بعيدة عن الحقيقة والموضوعية، فمنهج الاتصالات يعتبر من أهم الوسائل التي يمكن استخدامها لإسقاط أنظمة، وتشتيت رأي وبلورة وتشكيل فضاء عمومي جديد يخدم هدفهم النهائي.

من كل ما سبق، يتّضح لنا أنّ كثرة هذه الفضائيات سلبت اللون الإعلامي المهني منه ليصبح رمادي أسود كسوداويّة الوصوليين والانتهازيين الذين صنعوا قادة رأي يقدمون المصالح الخارجية على المصالح الوطنية والعربية.

فهل يا تُرى لدينا الوقت الكافي لإعادة برمجة عقول ونفوس صنعتها فضائيات لا تُعد ولا تُحصى؟
وكيف سنخطّط لصناعة إنسان عربي جديد محصّن تتوافر فيه كل المقوّمات المطلوبة لنكون من أوائل الأمم.

شارك المقال:

زر الذهاب إلى الأعلى