الإعلامية أمل سيف الدين | المواطن اللبناني بين مطرقة الدولار وسندان الأسعار

أمل سيف الدين

مع ارتفاع سعر صرف الدولار إلى مستوى قياسي ليتخطى الـ 34 ألف ليرة لبنانية، كان من البديهي أن تواكبه زيادة في أسعار كافة السلع، أبرزها أسعار المحروقات التي حلّقت اليوم لتصل إلى 599 ألف ليرة للبنزين و681 ألف للمازوت و416 آلاف للغاز.

فالمسار التصاعدي لأسعار المشتقات النفطية سيتواصل في الأيام المقبلة، حيث من المتوقع أن يبلغ سعر صفيحة البنزين 650 ألف ليرة.

العديد من الأسباب تقف وراء ارتفاع أسعار المحروقات، التي أصبحت شبه “روتينية”، وهي ارتفاع الأسعار العالمية للنفط، وسعر صرف الدولار، وسعر منصة صيرفة.

أمام هذا المشهد، علت صرخات المواطنين مرارًا بوجه السلطات المعنية، فقد بات فاضحًا “الارتفاع الجنوني” لأسعار المحروقات كنتيجة لارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء, وفي الوقت عينه، انخفاض “خجول جداً” بأسعارها. لنصل اليوم إلى الحد الذي لامست فيه صفيحة البنزين حدود الـ 600 الف ليرة لبنانية بسبب الارتفاع التراكمي بسعرها، في ظل غياب الرقابة الفعلية للجهات المعنية.

يعيش اللبنانيون اليوم حالة من الرعب، تظهر مع إطلاق أي شائعة أو تسريبة أو مع الإعلان عن تسعيرة جديدة، فيهرعون إلى تخزين المحروقات والمواد الغذائية والأدوية، لذلك في اللحظة التي يتلمس فيها المواطن خطر أزمة مقبلة، تجد الطوابير قد عادت إلى الواجهة، كما هو الحال اليوم مع طوابير المحروقات والخبز.

من الطبيعي، مع استمرار ارتفاع سعر برميل النفط العالمي، الذي لامس 113.11 نتيجة تصعيد العمليات العسكرية في أوكرانيا، والإعلان عن تراجع الصادرات النفطية الروسية ل 7.5% منذ بداية الحرب، ومباحثات دول الاتحاد الأوروبي لفكرة مقاطعة أوروبية للنفط الروسي لعدم المساهمة بتمويل الحرب وطلب السويد الانضمام إلى حلف الناتو بالرغم من معارضة روسيا، وتشبث منظمة “أوبك” برفض رفع إنتاجها أكثر من 432000 برميل يومياً، أتت الأحداث الأمنية العسكرية في ليبيا التي أدت إلى إقفال مصفاتي نفط أساسيتين والتوقف عن إنتاج ما يقارب 650000 برميل يوميا، لتزيد من تخوف الأسواق الدولية من شح إضافي لكميات النفط المتوفرة، مما أدى إلى ارتفاع سعر البرميل إلى حدود 114 دولار بعد أن كان قد انخفض إلى ما دون 155 دولار، قبل فترة نتيجة إعلان أميركا والدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية عزمهم استعمال مخزون النفط الاستراتيجي لديهم.

كما ترجم ارتفاع معدلات التضخم في العالم على الأرض بارتفاع أسعار النفط وتخفيض بعض الدول قدراتها الانتاجية، ما ينعكس بالضرورة على البلدان التي تشهد أزمات مثل لبنان.

أضف إلى سيناريو أسباب الأزمة، فإن شركات النفط في لبنان تستلم الدولار من مصرف لبنان على سعر منصة “صيرفة”، وعندما يتأخر المصرف عن فتح اعتمادات لهم، وإعطائهم الدولار على سعر المنصة، يجبرون حينها على شراء الدولار من السوق السوداء، وعندما يتقلب سعر الصرف في السوق السوداء صعوداً، يلجؤون إلى وقف البيع ورفع الخراطيم، حتى صدور جدول الأسعار من وزارة الطاقة التي تضطر إلى تسعير المحروقات وفقاً لسعر الصرف.

يمر لبنان في حالة فوضى كاملة، وارتفاع أسعار الوقود في لبنان سينعكس على كل المرافق الحياتية والانتاجية، والمواطن يرزح تحت وطأة أسوأ أزمة اقتصادية لم تشهدها البلاد منذ فترة طويلة.

شارك المقال:

زر الذهاب إلى الأعلى