كابوس بهيئة قابوس
بقلم رئيس التحرير في موقع بلدة السكسكية الالكتروني بلال علي مشلب
مخطئ من يحاول التقليل من خطورة ما حدث في سلطنة عمان..دولة عربية بنكهة عبرية بامتياز ،حيث ضجت وسائل الإعلام ووسائل التواصل بصورٍ لزيارة مفاجئة لرئيس وزراء العدو الإسرائيلي بينيامين نتنياهو الى سلطنة عمان.
زيارة تحمل جملة من التساؤلات عن توقيتها وظروفها والاهداف.
توقيت الزيارة
ويأتي توقيت الزيارة بظل تفاقم الأزمة السياسية في الشرق الأوسط ، فالأمريكي الداعم المطلق لإسرائيل والساعي لإعادة تثبيت موطئ قدم له في المنطقة ارسل تطمينات كبيرة للصهاينة بتطنيشه لعملية الاستيطان في فلسطين من جهة وتلويحه بفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على ايران وتضييق الخناق المالي على حزب الله.
وفي مقلب اخر تتابع السعودية رغم تعثرها بقضية الاعلامي خاشقجي تضييق الحصار على اليمن مما يربك الوضع الأمني لدول محور المقاومة.
هذا التوقيت يعتبر مثالياً لإسرائيل لزيارة دولة عربية معروفة بموقعه الوسطي من جميع الأطراف .فالسلطنة كان لها الدور البارز في ولادة الاتفاق النووي الايراني الامريكي عام 2015 ،اضافة الى دورها في القضية اليمنية .وسلطانها يمتلك علاقات قوية بايران والولايات المتحدة على رغم التناقض بين القطبين.
موقع السلطنة الجيو سياسي
ان لموقع سلطنة عمان الجغرافي اهمية كبرى لجعلها دولة محط انظار الدول الكبرى .كيف لا وتشترك السلطنة في التحكم في المدخل الخاص بأغنى مناطق إنتاج البترول على مستوى العالم .وذلك بالطبع عن طريق مضيق هرمز ، و الذي طبقاً للاحصائيات يمر به ما هو أكثر من نسبة ستون في المائة من إمدادات العالم البترولية علاوة على أنه يمر به ما قدره نحو نسبة تسعون في المائة من واردات اليابان من النفط ، و ما نسبته حوالي نسبة سبعون في المائة من واردات السوق الأوروبية المشتركة ، و ما قدره حوالي نسبة خمسون في المائة من احتياجات الولايات المتحدة من المواد البترولية ، و لذا يمكننا بناء على تلك المعطيات القيام بتلمس الجوانب السياسية للمكان الجغرافي للسلطنة.
لقد أدركت السلطنة أهمية موقعها الجغرافي ، و دوره السياسي القوي ، و لهذا فقد كانت دائماً ما تسعى إلى جعل منطقة الخليج منطقة سلام ، و أمان ، و هذه السياسة من جانب السلطنة لم تكن مجرد استجابة سلبية لأهمية الموقع الجغرافي فقط بل كانت استجابة لدواعي التنمية ، و التقدم ، و الرخاء ، و لهذا السبب فإننا دائماً ما نرى حرص السلطنة القوي على القيام بتنمية علاقاتها الدولية.
اهداف الزيارة:
اذا ما نظرنا الى النقطتين السابقتين ندرك تماماً أن الزيارة التي تمت بهذا التوقيت بالذات وبالنظر لأهمية موقع السلطنة الجيوسياسي ،لم تكن مجرد زيارة لبحث عن سلام مرتقب في فلسطين المحتلة فحسب،بل يدرك الطرفين تماماً مصالحهما الاستراتيجية على المدى البعيد.
فالسلطنة الحريصة على علاقاتها المتينة بالولايات المتحدة،ومثيلتها بايران،ربما لعب السلطان العماني على هذا الوتر اذ استقبل طفلة الولايات المتحدة المدللة (اسرائيل) للتباحث كما ذكر عن امكانية تطبيق حل الدولتين والذي ترعاه الادارة الامريكية بالظاهر من جهة ومحاولة منه لاستمالة العاطفة الفلسطينية من خلال ابرازه الاهتمام بالقضية.وبالعودة للموقع الجغرافي فإن السلطنة بذلك ربما تسعى لتامين مصالحها الاقتصادية والتي تجعل منها دولة ذات اهمية اقليمية وسوف لن تنالها الا بالرضا الامريكي-الاوروبي وبالتالي الغربي نظرا لحركة السوق في هرمز.
اما اسرائيلياً فللزيارة اهدافها أيضاً،ولعل ابرز الاهداف هو اظهار اازيارة امام الراي العام العربي على انها ودية تحمل معها بشائر وساطة لحل القضية الفلسطينية مما قد يشجع دولاً عربية اخرى ربما لدعوة نتنياهو.
هذا الجو التطبيعي لدولة كالسلطنة يدفع بعرب الخليج الى التفكير ملياً أين اصبحت اسرائيل…لقد اصبحت عند مفتاح شبه الجزيرة في عين الدائرة على الخريطة وهو مفتاح السيطرة على شبه الجزيرة العربية سياسياً واقتصادية .
واذا ما نجحت اسرائيل من اقامة علاقات مع السلطنة تكون قد فتحت السوق امامها للازدهار من جهة وتثبيت موطئ قدم بوجه ايران من جهة ثانية بتقاسمها مضيق هرمز معها.
خاتمة
كل ما يمكن قوله بظل هذه التحليلات انه لا ينبغي وضع الزيارة الاسرائيلية لسلطنة عمان باطارها الضيق وهو وساطة بين الفلسطينيين واسرائيل .بل ينبغي ادراك ماورائيات الزيارة والتمعن بالنظر فيها.اذ تشكل هذه الزيارة تحدياً جديداً ستفرضه الأيام القادمة على دول الشرق الأوسط .وربما تكون الزيارة أشبه بمفتاح لمشروع شرق اوسطي جديد عماده الاساسي هو الاقتصاد يصار به الى حرب ناعمة مقبلة بين محوري النزاع في المنطقة.