مشرّد برتبة مثقّف.. الثمانيني محمد المغربي خرّيج الهندسة يعيش تحت الجسر في بيروت وبين الكتب “اذا مامعك حق الكتاب بلا ماتدفع” !

مشرّد برتبة مثقّف.. الثمانيني محمد المغربي خرّيج الهندسة يعيش تحت الجسر في بيروت وبين الكتب!

كتب مهدي كريّم في “النهار”:

تحت جسر الفيات على كورنيش النهر في بيروت يتّخذ الرجل الثمانينيّ محمد المغربي منزلاً له. جدران المنزل المكوّن من سرير ومكتبة وراديو قديمة وموقدة حطب وملابس قديمة وبعض الحاجيات الأخرى عبارة عن كرتون، أمّا بابه فلوح من الخشب، بين أغراضه تلفتك “بذلة” موضوعة في كيس نايلون لحمايتها من الغبار الذي يجتاح المكان وهي تدل على “إيام العز” بحسب المغربي. ما يميّز هذا المكان “الفوضويّ” مئات الكتب المترامية بين أرجائه، ورغم ذلك فإنّ هذا المنزل لا يحميه من حرّ الصيف وبرد الشتاء، ولا من ضجيج السيارات التي يعجّ بها الشارع.

المغربي ذو اللحية البيضاء الطويلة يستقبل زواره بكل لطف ومودّة، ولا تفارق الابتسامة وجهه الذي يبدو عليه التعب والارهاق، يتحدث بلكنة مصرية حيث “درس الهندسة في جامعة القاهرة”. وعند سؤاله عن جنسيته، يؤكد أنه لبناني ولد في بيروت ويعود أصله إلى مرتفعات كفرشوبا. يقضي الرجل الثمانيني وقته بين الكتب ولا يفارق المكان سوى للقيام بمشوار مهمّ أو للاستحمام في محطة الوقود المجاورة، ويعتمد في طعامه على ما تُقدّمه له بعض الجمعيات.

“إذا ما معك ما تدفع”

منذ بداية اللقاء يمكنك الاستنتاج بأنّ المغربي ليس كغيره من المشرّدين، فهو لم يكتفِ برفض مدّ يده لأحد، بل يرفض كذلك “تسعير” الكتب التي يعرضها، ويصمّم على مقولته “خود الكتاب اللي بيعجبك، وإذا معك ادفع، وإذا ما معك ما تدفع”. أمّا عن كيفية جمعه عشرات الكتب، فيستذكر أحد أصدقائه “الذي منحني عدداً كبيراً منها، كما أحاول الحصول على كتب من أشخاص لم يعد يريدونها، وكذلك أقصد سوق الأحد بين الحين والآخر لجمع بعض الكتب”. وهكذا، باتت مكتبته المتواضعة تضمّ كتباً في مختلف المجالات السياسية والدينية والثقافية، بالإضافة الى لغات متنوّعة. وعلاقة المغربي بالكتب ليست جديدة، فهي تعود الى “أيام السجن حيث كنت أدفع من مالي الخاصّ للحصول على الأدوات التي تمكّنني من معالجة الكتب، بحيث كنت أجمعها وأعيد إحياءها بعد أن كانت ممزقة”.

شارك المقال:

زر الذهاب إلى الأعلى