العونيّون لميقاتي… كِشّ بَرّا .. كِشّ
العونيّون لميقاتي… كِشّ بَرّا
في العالم وحوله “كوفيد19” بمتحورَيها “دلتا” و”أوميكرون”، كالتسونامي يفتك بالبشر آخذة بدربها الحجر، أما في لبنان فمواقف من بعبدا إلى السراي وما بينهما وحولهما من متحوّرات كلامية تأكل الأخضر واليابس، مكمّلة على ما تبقى من حجر، وتجمع بين الحالتين، خشيةٌ من السيناريوهات الكارثية. فالجمود يتسيّد الملف السياسي الداخلي، في انتظار خروج قطار الإنتخابات النيابية عن سكّته، فيما “الترقيع ماشي” في “الكهربا والتلفون والإنترنت”، والوعد بإجراءات جديدة صحياً “مسوك قلبك والحقني”، في بلد شعبه “بلا مخّ مش من هلّق….. من زمان”.
فيوماً بعد يوم، ومع اقتراب نهاية العهد يزداد تفكيك الأزمة صعوبة وتعقيداً، مع صبّ تعطيل الإتحادي الشيعي، الزيت الدائم على نار الخلافات العميقة بين أهل الحكم والدولة حول الأساسيات والبديهيات لقيام المؤسّسات وانتظام عملها، ليزيد من طينها بلّة الكيمياء المفقودة بين أركان البيت الواحد، حيث يعمل كلّ واحد منهم بمنطق “قبور بَيّك والحقني”، و”الشاطر بشطارته”، مقتطعاً لنفسه مساحة يلعب فيها، ومحمية يبني على أنقاضها، لم يكن ينقص دليل عليها سوى ردّ السراي بالنيابة عن الحارة على بعبدا، التي رغم أنها لم “تبقّ البحصة، كما تأمّل الكثيرون، إلاّ أنها قالت الكثير، تماماً كما فعل المجلس الدستوري بـ” اللاقرار”، فيما “المؤتمر الميقاتي” لم يكن بمضمونٍ أفضل، بعدما “صار كلّ همّه”، أولاً، شَرعنة “حزب الله”، وثانياً، تعليقه سبب عدم دعوة مجلس الوزراء على “شمّاعة” الميثاقية، في مشهدٍ “ولا أهضم” غريب عجيب لا يحدث إلاّ في لبنان. عجز عن جمع حكومة اللون الواحد، وأمل “من كل عقلن” بأن يجمعوا “من كل وادٍ عصا” إلى طاولة حوار أجندتها مشاكل لبنان منذ قيامه.
من الآخر، و”لما نخبّي السموات بالأبوات” وعملاً برأي الصهر وتتمّة لرؤيته، فإن المؤتمر الصحفي لرئيس حكومة تصريف الأعمال المغلوب على أمره، إنما هو المشهد الثاني من المسرحية التي بدأت في عين التينة الأسبوع الماضي. فحارة حريك “المقروصة” من العهد وحزبه لا تريد صبّ الزيت على النار، أملأ بتمرير أول أحد من العام الجديد على خير وسلامة، بعدما تكون ” هديت الفورة العونية”، لذلك، تمّ ضبط إيقاع فريق “أبو مصطفى” إلى أقصى الحدود، لتقع القرعة على إبن طرابلس للردّ بالأصالة والنيابة على ما ورد في خطاب رئيس الجمهورية مُفصّلا مُفنّداً، رادّاً الكلمة بالكلمة متّفقاً معه على أمرٍ واحد، ضرورة أن تكون لنا أفضل العلاقات مع الدول العربية وخاصة الخليجية، رغم تبرئته الضاحية من تهمة العمالة لطهران، فهو لم يرَ أي دلائل لاحتلال إيراني، وقد يكون مصيباً، فَصُوَر قاسم سليماني التي غزت طريق المطار حملت أكثر مما تحمل، وإن بقي غير المفهوم أو المبلوع سعودياً أقله، هو أن أطروحته هذه جاءت بعد مؤتمر التحالف العربي.
إذن، بكل بساطة ردّت السراي على بعبدا لتقطع الشكّ باليقين حول الخلافات التي بدأت منذ فترة بين المقرّبين، بعدما بات جميع أطراف السلطة يتسابق ليحفظ له موقعاً إلى الطاولة، وورقةً للعرض، بعدما بات الداخل والخارج مُقِرّان بأن التغيير آتٍ في النظام وطبيعة وظيفته، حيث يحاول كل طرف “سحب البساط لميلته”، وإلا فبماذا يمكن تفسير البنود الثلاثة لطاولة الحوار وأهدافها، غير الإتفاق على الوطن الجديد، وشكل دولته.
فبعبدا التي سلّمت بأن الوقت ما عاد للعمل بقدر ما بات لتأمين انتقال السلطة والأزمة وملفاتها سواء للصهر أو غيره، لا فرق، طرحت خارطة طريق لن تصلح قبل نهاية العهد، دون أن “تنمغص” اذا كان الوريث في بعبدا جبران باسيل. أمّا السراي، فمن جهتها، حساباتها من العيار الكبير، عنوانها العريض وراثة الساحة السنّية مع تداعي الحريرية السياسية، فإبن طرابلس الذي خاض معارك بالطول والعرض للوصول إلى السراي، كمحطة لمشروع الميقاتي السياسية، هدفه حفظ مكان في العهد الجديد، كرئيس حكومة وحيد واحد. حلم بدأ يتهاوى بدوره، وهو ما بيّنه مؤتمره أمس، “فلا الفرنساوي راضي، ولا الأميركي بدو، والسوري مش بالعو إذا كان جدّ راجع”، عليه لم يبقَ أمامه إلاّ “حديدان” الحزب علّ وعسى، إلاّ إذا الّلهم، كان هناك خلافٌ عميق بين الجنرال وصهره في الخيارات السياسية المستقبلية، وما حدن يخيّط بهالمسلة.
جنرال بعبدا أدّى قسطه للعلى، مَرّر ” الباس” لـ “التيار الوطني الحر”، الذي قد يبقّ سيده الحجر بدل البحصة، فقام بنقلة بين رئيسه ومجلسه التنفيذي الذي عاجل رئيس الحكومة بالمفيد، “شَرِّف ادعي الحكومة للإجتماع وإلا تحمّل النتايج”، وللثاني من كانون الثاني فرج ورحمة، والماي بتكذّب الغطاس….
فالنظام سقط، وكلُّ واحد “عم يفتش” عن مصلحته “في دولة “كل مين إيدو إلو”، لتنتهي ثلاثية ميشال عون لربط النزاع مع الضاحية، تماماً كما انتهت ثلاثية ميشال سليمان تماماً، فالجمود الحكومي مرشّح للإستمرار إلى أجلٍ غير مسمّى ما دام “الثنائي” غير مستعجل لإنقاذ ما تبقّى من عهد حليفه. وإذا كان أحدٌ لا يشكّ في أن “التيار الوطني الحر” فهم الرسالة جيداً، فإن الأهمّ بالنسبة إليه في مكان آخر….”وهون قصة تانية أكبر بكتير” تبدأ بخطوط الترسيم ولا تنتهي بنصاب “غبّ الطلب” وفقاً للأرقام والمصالح….. فإلى حينه كلامٌ كثير سيُرمى في سوق السياسة ليبيع ويشتري المزايدون.