الشيخ موسى أبوزيد | إلى ساسة لبنان
بعد اتفاق الطائف تعاقب على الحكم في لبنان حكامٌ و سياسيون أغلبهم من احزاب و تيارات سياسية، ينقسمون بين مسيحيين و مسلمين.
أما الساسة المسيحيون فهم لا يشبهون ابدا سيدَهم المسيح (ع)، الذي كان يلبس الخشن و يتوسد الحجر و يأكل مما تنبت الأرض. خادمُه يداه و دابته رجلاه، سراجُه القمر و غطاؤه السماء.
أما لباسُه فلم يكن من الحرير و الذهب بل كان من الصوف تنسجه أيدي الفقراء.
أما الساسة المسلمون فلم يحسنوا الاقتداء بنبيهم الكريم (ص) الذي أتته الدنيا صاغرة فأعرض عنها و وطأت له أكنافها فلم يُعِرها طرفا.
شارك فقراء قريش شظف العيش و لهيب الصحراء، شدّ حجر الجوع إلى بطنه حتى يشعر بألم المستضعفين و المحتاجين.
لم يرتدِ ثوب الكبرياء و الخيلاء بل خاطه بإبرة الزهد و خيط البسطاء، لم يتخذ له في مجلسه كرسي حكم بل كان بين أصحابه كأحدهم حتى ليدخل الرجل فيقول :
“أيكم محمد”.
أما الإمام علي (ع) ربيب الرسول القائد الفذّ و تلميذه ألمُلهم الذي شاركه آلامه و همومه و أوجاعه. فبعد قبضِ الرسول عاش غريبا في وطنه يحارب الفقر و يكافح الجهل و يُخرس الفتن.
و عندما آلت له الخلافة لم يتخذ قصراً يتعالى به على أمته و لم يجمع حوله حرساً يحجبه عن رعيته. بل سكن كوخ الزهد و التواضع خاصفاً نعله بيده كاسباً رزقه بكده. مكتفياً من دنياه بطمريه و من طعمه بقرصيه.
أما أنتم أيها الحكام يا من تنكرتم لعيسى و محمد و علي ….
فأنتم لا تشبهونهم ابدا….
فلو إلتزمتم مبادئ هؤلاء العظام لشعّ من صدوركم نور الحكمة، فقاومتم بقوة الحق سطوة اللص و الراشي و سرَّقتم من أتى بيت المال من غير بابه.
و لو رفعتم راياتهم لما أُذل الوطن و لو أدخلتم تعاليمهم في القضاء لما اختلّ ميزان قاضٍ، و لو لامست كلماتهم وساداتكم لمنعتكم من النوم و حولكم اكباد حرى و بطون غرثى، و لو تمثلتم بهم لما عرف لبنان قراصنة المال و لصوص الأمم.