أزمة المحروقات تعيد التموضع الديموغرافي للمدارس: تشريع التعليم المنزلي حل لارتفاع كلفة النقل

كتبت الأخبار: في الواقع، إن رفع بدلات النقل للمعلمين من 8 آلاف إلى 24 ألفاً، أي إعطاؤهم مبلغاً شهرياً لا يتعدى 500 ألف ليرة أو ما يقارب صفيحة ونصف صفيحة من البنزين، لا يكفي لأكثر من أسبوع، وثمة حاجة هنا لأن يتشارك المعلم مصاريف النقل مع ثلاثة من زملائه لتأمين الكلفة.

وغادر نحو 4 آلاف معلم لبنان خلال الصيف بعد توقيع عقود في الخارج، فيما لا تزال وزارة التربية والسلطة السياسية ترفضان النظر إلى الوقائع والأرقام وتداعياتها على التعليم بصورة عامة، وتتخبطان لتأمين اللوجستيات مثل الكتب وصفيحة البنزين المدعوم للمعلمين والقرطاسية، في وقت نشهد تداعيات ديموغرافية تتعلق بتوزيع السكان والمدارس قد تحول دون استكمال العام الدراسي، كون كلفة الانتقال من المدارس وإليها تتعدى كلفة التعليم أو الرواتب والبطاقة التمويلية، حتى لو تعاضد الأهالي والمعلمون في جماعات صغيرة لتأمين الانتقال.

ستفرض هذه الكلفة الباهظة إعادة تموضع السكان والانتقال إلى أماكن قريبة من المدارس أو تغيير المدرسة أو النزوح من التعليم الخاص إلى التعليم الرسمي القريب، وقد يكون الحلّ الأنسب هو إيجاد بديل عن شكل المدرسة المتعارف عليه، وإعادة تفعيل المدارس الصغيرة في الأحياء وتشريع التعليم المنزلي، وتعاضد الأهالي والمدرسين لتعليم أولادهم، ضمن آلية حماية اجتماعية واقتصادية وصناديق تعاضدية وغير ذلك من التقديمات التي تضمن وتحفظ حقوق المعلمين وتوفر على الأهالي هدر المداخيل على النقل والانتقال.

يتطلب هذا الترتيب لتفعيل التعليم المنزلي ثلاثة شروط، أولاً: تشريع التعليم المنزلي ووضع أطر وآليات وقوانين تضمن الترفع والتقييم وغيره من خلال تقديم امتحان سنوي في نهاية العام بإشراف وزارة التربية، ثانياً: شرعنة هذا النوع من التعليم لجهة الحفاظ على حقوق المعلمين وحفظ حقهم في التعويضات كما تنصّ عليها القوانين، بما فيها تنسيق البرمجة الأسبوعية وتغطية مواد التدريس وتوزيع الساعات، ثالثاً: قبول الأهالي وتعاضدهم وإدارة شؤونهم بما يتوافق مع مصالحهم كجماعة وأفراد والتخلّي عن هيمنة المؤسسات التربوية على أفكارهم ووهم العجز والجرأة في تغيير أنماط التعليم.

شارك المقال:

زر الذهاب إلى الأعلى