إقفال مركز معاينة الميكانيك في الزهراني: قطْع للأرزاق ومخاوف من تكرار معاناة الانتظار
مشهد مركز معاينة الميكانيك في منطقة الزهراني انقلب رأساً على عقب منذ اسابيع، اليوم يخيّم على ارجائه ومحيطه الصمت المطبق مع خلوّه من الموظفين والمواطنين معاً، بعدما كان يضجّ بحركتهم وبازدحام السيارات بانتظار دورهم لساعات طويلة لاجراء المعاينة، كخطوة الزامية قبل التوجه الى مصلحة تسجيل السيارات (النافعة) ودفع رسم الميكانيك.
وإقفال المركز الذي يعتبر الوحيد في كل مناطق الجنوب، سببه الاضراب المفتوح الذي ينفّذه اتحاد النقل البري منذ نهاية نيسان الماضي، وأجبر خلاله كل مراكز المعاينة في كافة المناطق اللبنانية على الاقفال، بهدف الضغط على المسؤولين اللبنانيين لتحقيق مطالبهم بإلغاء المعاينة السنوية موقتاً، وادارة هذه المراكز من الدولة وإلحاق الموظفين والعاملين فيها في ملاك وزارة الداخلية والبلديات.
“نداء الوطن” قصدت مركز المعاينة في الزهراني، بدت المنطقة هادئة جداً، وقد اختفت طوابير السيارات التي كانت تنتظر على الجانب المقابل لعدة كيلومترات ولساعات طويلة. البوابة الرئيسية مقفلة بسلسلة حديدية، فيما المركز من الداخل مقفل تماماً ولا يوجد فيه اي موظف بانتظار العودة الى العمل، ولم يعد ممثلو الاتحاد يحضرون غداة كل صباح ليركنوا حافلاتهم وسياراتهم امام المدخل لتأكيد الاقفال، وسط دعوة المواطنين إلى عدم التوجه إليه ريثما يتم تطبيق القانون.
ويؤكد ممثلو الاتحاد لـ”نداء الوطن” ان “إدارة المعاينة الميكانيكية تعمل بطريقة غير قانونية منذ العام 2015، وبالتالي لا بد من وقفها واستعادة حق الدولة المهدور”، ويقول رئيس نقابة سائقي السيارات العمومية في الجنوب قاسم شبلي: “لقد أصبحت عبئاً على قطاع النقل ككل في ظل الوضع الاقتصادي والمعيشي السيّئ وازمة “كورونا” وارتفاع سعر صرف الدولار”.
خلال الجولة الميدانية في المنطقة، تلاحظ بوضوح ان الهدوء لا يقتصر على المركز ومحيطه، بل يمتدّ الى مئات الامتار، حيث تتواجد الكثير من محال الميكانيك التي كانت تعجّ بالسيارات اما لاصلاحها او فحصها، بعضها كان يجري معاينة شاملة قبل التوجّه الى المركز ليضمن نجاحها من المرة الاولى، وبعضها يعيد اصلاح ما تبين انه عطل فيها، اقفال المركز قطع أرزاقهم في ظل الازمة المعيشية والاقتصادية الخانقة.
على طول الخط الذي يسبق المركز تنتشر هذه المحال، هنا المركز الفني لمعاينة الميكانيك، وهناك محال السعدي وموسى ووهبي، ويقول احد العمال فيها علي بدران لـ”نداء الوطن”: “بتنا ننتظر زبائننا فقط لاصلاح سياراتهم، في السابق كان المواطنون الذين يريدون اجراء معاينة يحبّذون اجراء فحص روتيني للتأكد من سلامة السيارة او المركبة”، نافياً ان “يكون مبدأ الايجار للاطارات او الاشارات او الانوار قد اعتُمد لدينا ريثما يتم اجراء المعاينة والنجاح”.
وقطع الارزاق يمتدّ ايضاً الى معقّبي المعاملات في النافعة، يعيشون حالة انتظار لانهاء الاضراب المفتوح، ويقول هادي لـ”نداء الوطن”: “ان الحركة شبه معدومة ويجري دفع رسوم السيارات التي أجرت معاينة قبل الاضراب أو قبل الاقفال بسبب “كورونا” وهؤلاء ينتظرون استحقاق دفعهم او تأمين الاموال اللازمة، او للسيارات الاجنبية من دون لوحات لبنانية، او الاجنبية التي سجلت في العام 2021، ثم بيعت مجدّداً”، آملاً في “ان تنتهي معاناة المواطنين من هذه الدوامة”.
ويقول المواطن الصيداوي محمود الزعتري: “لقد توجهت الى النافعة لدفع الرسوم ولكنني فوجئت بأن اعفاء المواطنين من 85% من رسوم ميكانيك العام 2021 يتطلب اجراء المعاينة قبل دفع 15% وهو غير متاح الآن بسبب الاضراب المفتوح”، معرباً عن خشيته من “تكرار طوابير الانتظار عند مدخل المركز مع فك الاضراب بسبب قرب انتهاء مهلة العفو على الغرامات في شهر حزيران القادم، اي اننا سنعود الى سيرتنا الاولى من الانتظار وتوتير الاعصاب”، لافتاً الى أنّ “الزحمة كانت تصل اكثر من كيلومتر وهذا إذلال للمواطن بدلاً من ان تقوم الدولة بتسهيل أموره الحياتية”.
على ان اللافت خلال الجولة ايضاً، ان طريق الغازية القديم المؤدّي الى المركز محفّر، ما يؤدّي الى تضرّر السيارات او اطاراتها. وقد طالب محمد عجمي بـ”اصلاح الطرقات وازالة الحفر من الشوارع التي تتسبّب باهتراء دواليب السيارات وتلفها، وذلك قبل ان يطالبوا بالزامية المعاينة”.