دياب: الإحتياطي في العام 2002 قارب الصفر ولم تقم القيامة؟
من الواضح أن حسان دياب لا يريد أن يتحول تصريف الأعمال إلى محرقة له ولحكومته المستقيلة. بالنسبة إليه يجب أن يستمر دعم مصرف لبنان للمحروقات والأدوية والمواد الغذائية والطحين حتى تتوفر بدائل تخفف عن كاهل اللبنانيين الفقراء، وأولها البطاقة التمويلية.
يتعمد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب عدم الخوض في تفاصيل زيارته ”الاستطلاعية“ إلى قطر. المسألة دقيقة للغاية، ونجاح المبادرة أبدى من الكلام. سابقاً تحدث البطريرك الماروني بشارة الراعي عن دعم قطري للبنان، سرعان ما نفاه القطريون.
”بحفاوة ومحبة وحرص وتجاوب“، تعاملت قطر مع رئيس حكومة تصريف الأعمال. طرح دياب أفكاراً مختلفة تصب في دعم البطاقة التمويلية للعائلات الفقيرة (حوالي 750 ألف عائلة)، هادفاً إلى تحقيق دعم مالي أو عيني (مثل تأمين المحروقات للمواطن اللبناني) أو الإثنان معاً، فاصلاً الشق الإنساني الذي يصب في شبكة الأمان الاجتماعي عن الأمور السياسية، فانعقاد مؤتمر دوحة 2 لا يمكن أن يتحقق إلا بالتوافق السياسي، وهو غير متوفر في ظل الانقسام الراهن بين الأفرقاء كافة. ولسان حال قطر: ”ساعدوا أنفسكم قبل أن نساعدكم“.
يحتاج الأمر إلى بعض الصبر. أمير قطر تميم بن حمد آل خليفة أحال المطالب الللبنانية إلى رئيس الحكومة القطرية، الذي بدوره سيتولى دراستها. لا مصلحة لدينا بالضغط على القطريين. يقول دياب إنه شعر بوجود استعداد قطري للدعم. بالتالي، سننتظر ونرى ما تؤول إليه محاولتنا. القطريون لم يبخلوا يوماً في دعم لبنان. بعد حرب تموز 2006 وإعادة الإعمار. رعاية اتفاق الدوحة عام 2008، وأخيراً الدعم المادي من دون ضجيج إعلامي إثر انفجار 4 آب/ أغسطس 2020 في مرفأ بيروت. هم يحبون اللبنانيين من دون التدخل في شؤونهم الداخلية.
في الشكل والمضمون، تختلف زيارة دياب الاستكشافية إلى الدوحة، عن الزيارة ”المؤجلة“ إلى بغداد، فاصطحابه وفداً وزارياً إلى العراق سيكون تتويجاً لزيارات متبادلة عديدة حصلت بين وزراء لبنانيين وعراقيين على صعيد الصحة والصناعة والزراعة والنفط.. ولم يتبق سوى البحث في بعض الأمور كالحدود والرسوم الجمركية، ثم توقيع الاتفاق الإطار بين الحكومتين.
إذاً على رأس جدول أعمال دياب، اليوم، تحقيق الدعم للبطاقة التمويلية وأخذ الموافقة عليها في مجلسي الوزراء والنواب. حتماً قبل ترشيد الدعم الذي يقدمه مصرف لبنان للمحروقات والدواء والغذاء والطحين. يربط دياب الأمرين ببعضهما البعض. رفع الدعم بالكامل لن يحصل. ما سيحصل هو ترشيده إلى نصف ما هو حاصل اليوم.
750 ألف عائلة، أي قرابة الثلاثة ملايين إنسان هم الأكثر فقراً في لبنان. حتى الآن هنالك 246 مليون دولار من البنك الدولي، و70 مليون دولار من الاتحاد الأوروبي. هنالك اتفاق على استلامهم بالدولار وانفاقهم بالليرة اللبنانية على سعر المنصة أي 10 آلاف ليرة. تقريباً، إلى جانب المساعدات التي توزع عبر الجيش اللبناني والتي وصلت إلى 300 ألف عائلة (مبلغ الأربعمائة ألف ليرة) حيث يتثبت منها الجيش بشكل دقيق (مثلاً اختار فقط نصف العائلات المرفوعة أسماؤها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية).
يقول دياب أن رفع الدعم لن يتحقق بشكل عشوائي، متسائلاً لماذا تقوم القيامة لأن الإحتياطي وصل إلى قرابة 15 أو 14 أو حتى 13 مليار دولار. هم يتحججون بحماية أموال المودعين لكن أين هي أموال المودعين ثم لماذا قارب الإحتياطي في العام 2002 أقل من مليار دولار ولم يحصل اي شيء؟
أما بخصوص تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال، فهو غير دستوري ولم يلحظه الدستور حتى في حالة الطوارئ، يقول دياب. يتساءل رئيس حكومة تصريف الأعمال لماذا دفعت القوى السياسية لاستقالة الحكومة والبديل غير متوفر؟ كان عليهم الاستدراك قبل ذلك. في ظل غياب التناغم السياسي الأمر مستحيل، وبالرغم من ذلك الحكومة تعمل بصمت، حيث أصدرت قرابة 220 موافقة استثنائية تحل مكان مجلس الوزراء. ومنها مرسوم الحدود البحرية الذي أصبح في عهدة رئيس الجمهورية ميشال عون.
ختاماً يشير دياب غداة عودته من قطر إلى أن أيادينا مفتوحة لمن يفتح لنا الباب، رافضاً الإفصاح عن زيارات مزمعة إلى الخارج منعاً للتشويش عليها، داعياً إلى الإسراع في تشكيل حكومة يكون المواطن محور قراراتها، مكتفياً بالقول من المؤسف أن نتكلم حول الخلافات والانقسامات الموجودة والشعب يموت من الجوع!