نسر الزمان | بقلم السيد زياد الزين
في كل واحد وثلاثين من آب مناسبة متسقة في التخطيط والهدف تشتاق الى رابطها في انسياق زمني جماهيري متزايد حضوريا وعبر الشاشات؛ يقف نسر الواحد والأربعون عاما من الامانة الخالصة على منبر الزمن ؛ في دلالة الأصالة والعباءة والعمامة؛ متوجها بصوت البرق الحاسم ؛ الى صاحب الأمانة المغيب عمدا بفعل مخطط اعادة رسم خارطة لبنان والمنطقة، وفي جوهرها القضية الفلسطينية الآيلة الى استجرار التطبيع ، والاستسلام الكامل لجوهر التوطين. ولم ينجح التزوير في طمس قضية امام الوطن، بفعل الحقائق الدامغة في التحقيق والنتائج. ويبقى الأثر في مفعوله الرجعي ايمان جميع اللبنانيين وليس الطائفة الشيعية فقط أنه إمام جميع الأفعال والمصطلحات والمفردات ذات الصلة في مبدأ الجاذبية الى الحرمان والثورة والمقاومة التي امتدت خيوط شمسها وما تأثرت بالعواصف الرملية القادمة من بيئات مخالفة ثقافيا وتاريخيا وعقائديا لحركة لها رعاية إمامية متجذرة بحكم المنطق الفكري والانتمائي. ان الأرقام الواردة في مقدمة النص لا يراد تنسيبها الى التاريخ بمقدار ما دورها تظهير حركة التفاعل مع الحاضر الحي والمستقبل المستدام، وبالتالي اسقاط مفهوم التنظير الذي تتبرع به قلة. لا بل تدعي العفة سواء من المراهنين على تغييب دور الحركة السياسي، او الباحثين عن دور في سلة المهملات التي اوجدها بعض التعمد في احداث ثقب الفراغ السياسي، نتيجة تدوير النفايات العضوية في زوايا الاقطاع المستجد، او المتطرف على اجنحة الجهات الأربعة، في حمل أثقال ما سمي بالثورة التي لها اوزارها وتبعاتها وامتدادتها. اغرقت نفسها حينما تهربت من فكرة المطالب ودخلت في نفق التسابق على المشاركة في السلطة، فأقنعت بعض النواب الحيارى الذين سعوا دون جدوى للقب الغيارى؛ بالاستقالة الجبرية؛ واقنعت هذه المجموعة نفسها زورا بانتخابات مبكرة. فلا نجحت الاستقالة ولا استقامت الارادة الخشنة بوهم التغيير المفعمة بالغش. وللأسف فإن بعض الممسكين بالقرار السياسي اليوم، المتمسكين بالنوايا الاغترابية عن مصالح الوطن يساهمون بشكل مباشر بمنح جوائز طردية للمتطفلين الجدد على العمل السياسي؛ الذي ما عرفناه في حركة أمل الا راقيا شعبيا لا شعبويا يغلب مصالح الناس ضمن مفهوم المواطنية، التي مرجعها الانسانية في مفهوم الامام القائد السيد موسى الصدر. واذا كان المقام هنا ليس لتعداد الانجازات الوطنية على مساحة الواحد والاربعين دون ملل أو ضجر، ودون ادخال القلق يوما في فكر وقلب جمهور واسع يؤمن بثقة مطلقة بأن أي قرار لم يكن ميزانه التقويمي يوما الا الاستراتيجيات المحكمة ؛ التي تغلب الانقاذ على ابجديات النطق السياسي المجتر للأدبيات المستهلكة. فالخروج من الأزمة السياسية حائل اليوم أمام طموحات جانحة تسد الممرات السياسية والحلول، تماما كمثل جنوح السفينة في قناة السويس ؛ فالحلول معلقة على خشبة الوعد المسبق لاجترار مواقف والمتاجرة بها شراء وبيعا أو أقله تفاوضيا . أي عمليا ماذا بعد الفراغ الرئاسي وليس التعامل مع الحاضر ؟ ماذا عن الفراغ الحكومي؟ انه ليس تجاذبا لصقور بقدر ما هو هلع سياسي في رسم أدوار مفقودة الاجابات عنها قبل عام ونصف، قبل فهم طبيعة الأحجام المقدرة في وزن الكتل المشكلة في الانتخابات النيابية القادمة ونتائجها. ويبدو اليوم ان لا خروج من أزمة عنق الزجاجة الا بالعودة الى مرجعية الاخراج المتقن الذي يضيفه دولة الرئيس نبيه بري الى مجموعة اصداراته الفكرية والأخلاقيات السياسية؛ فلا حكومة دون ان يؤذن من مسجد الانقاذ، ودون ان يقرع جرس الفصح المتفائل بالانبعاث، وقيامة وطن أرادوه بعيدا عن الصلوات العميقة. جميعنا يعول على انتاج من وحي وجع اللبنانيين وآلامهم وولادة قيصرية في مخاض عسير. وبالعودة الى الحب الزاهد المجرد عن المصالح والانانيات الى صاحب الذكرى التي صدحت سنونها وفاء واخلاصا ومقاومة مدججة بالعمل القتالي المشرف ، متجانسة في العمل السياسي ، ومؤتمنة في العمل الاجتماعي دعاء من كل لبناني مخلص.
يا نسر الزمن، لم تكن يوما رئيسا لحركة سياسية فحسب بل فضاء يتسع لكل روزنامات العمر تحصي جنى الايام ولا تستلم للغة العدد.