المواجهة البطولية في الزرارية .. الدمعة التي قاومت الفأس وانتصرت
الزرارية..نقطة التواصل بين فصلين المطر والخصوبة.. حقل يرتوي بدماء بنيه الذين بذروا على صفحة قلبها فأينعت البذرة وأزهرت ولبست الأرض ثوب البنفسج والزنبق
الزرارية .. آية عظيمة للذين لم يؤمنوا بعد بأنه من لم يكن في خندق الحرب عليه من الآن الشروع بحفر الخنادق ..هي القرية إمرأة ملتحفة بالشمس وتحت قدميها القمر على رأسها إكليل من 40 شهيد وهي حبلى وتصيح وقد اعتراها المخاض ومشاق الولادة ….
وقالت الزرارية” إن الزمان قريب فليستمر الظالم في ظلمهِ والنجس في نجاساته.. فعما قريب يبقى من له سلطان على شجرة الحياة يدخلون المدينة من الأبواب .. ويبقى خارجاً الكلاب والسحرة والزناة والقتلة وعبدة الأوثان وكل من يحب الكذب ويعمل به
دخل العدو إلى الزرارية ليكرر جرائمه فالزرارية بعد معركة وسحمر وصلحة وحولا والعباسية وغيرها، حتى غدا الجنوب مدرسة الحرب.. ومدرسة الوعي الجديد صانعة مدرسين جدد لنا أمثال الشهداء القادة السابقين ليكن مدرسنا الجديد الشهيد القائد نعمة هاشم الذي أصبح مفتاح الجنوب وحارس الليطاني إضافة الى كوكبة من الشهداء الذين قدموا حياتهم على مذبح الوطن ..
كيف بدأت المعركة ليلة 11/3/1985؟
بدأ الإسرائليون بقصف أطراف البلدة ثم أحيائها في الساعة الحادية عشرة والنصف من ليل الأحد 10/3/1985 وظل القصف متقطعاً حتى السادسة من صباح اليوم التالي …
وفي الساعة السادسة والنصف صباحاً بدأت الآليات العسكرية تتقدم وخلفها جنود الكوماندوس نحو مداخل البلدة حيث أحصي أكثر من 80 آلية مدرعة بين دبابة أكثريتها من نوع ميركافا مزودة بمدفعية عيار 175 ملم وناقلة جند تتقدم من جهات بريقع والبيادر الشمالية ووادي خليل فيما كانت 3 مروحيات عسكرية تنزل فرق المظليين في الأراضي الواسعة في أطراف البلدة التي يصعب للمقاتلين الوطنيين الأطلالة عليها بفعل كثافة القصف المدفعي الذي صدر بمعظمه من جهات أنصار والنميرية.
الإشتباك بين الجيش اللبناني والقوة الإسرائيلية المتقدمة من جهة بريقع استمر حتى الساعة العاشرة وبعد هذه المعركة استطاعت الآليات العسكرية الإسرائيلية التقدم الى داخل البلدة بـ 120 آلية مدرعة وأكثر من 3 آلاف عسكري ، كما أن تطويق البلدة بهذا الشكل قطع كل إمكانية لوصول إمدادات إليها من الخارج كما أن الإتصالات قطعت كلياً عنها وخاصة مع قوة الجيش اللبناني التي قطع الإتصال اللاسلكي بينها وبين مركز قيادتها في أبو الأسود منذ الساعات الأولى للمعركة الأمر الذي جعل قائد كتيبة الجيش في المحور أبو الأسود_الزرارية الرائد زين خليفة ينتقل إلى بلدة إرزي لمتابعة الموقف حيث كانت شدة الإنفجارات الصادرة من الزرارية تهز ارزي والخرايب.
نتائج المعركة:
أسفرت المعركة كما أشار تقرير مجلس الجنوب آنذاك والذي نشرته جريدة السفير الى سقوط 40 شهيد 24 شهيد منهم لحركة أمل و34 جريح وأضرار متفاوتة في 58 منزلاً 17 منزل تهديم كلي و 10 منازل تهديم جزئي وأضرار في 31 منزل.
كيفية القتل:
ما شوهد بالعين المجردة لا يمكن وصفه حقا … قتل متعمد بجنازير الدبابات تجتاح صدور المواطنين سواء من كان منهم في سيارته، او من استشهد ولم تكتف الهمجية “الاسرائيلية” بمصرعه فمررت دباباتها الثقيلة من طراز “ميركافا” فوق جثمانه. .
. بعض الشهداء ذبح ذبحا ولم يقتل بالرصاص. .
قالت احدى النساء:”لم اسمع في حياتي قصصا كهذه.. الشباب كانوا بسلاحهم الخفيف يواجهون الاعداء بالسلاح الذي يعرف العالم نوعيته وفتكه.. كان كل مقاتل واحيانا اثنين، يشتبكون مع عشرات من الجنود “الاسرائيليين” والياتهم عند كل زاوية وداخل البلدة، وفي الزواريب الضيقة حيث لا تستطيع الملالات الدخول كانت معارك السنكة (السلاح الابيض).. قاتل الشباب حتى النهاية.. قاتلوا حتى فرغت ذخيرتهم واستشهدوا رحمة الله عليهم”.
اكثر الشبان استشهدوا، اما قتلى العدو فسحبتهم معها ورقمهم على ذمة “اسرائيل”.
على احد الجدران كتب جنود الاحتلال “انتقام لكل نقطة دم “اسرائيلية” “. وعلى جدار البركة في وسط الساحة كتبوا “انتقام لجيش الدفاع “الاسرائيلي
مواكب التشييع: لم تقتصر المواجهة في الزرارية على أبناء حركة أمل فقط بل كانت المواجهة ضد العدو لبنانية وطنية فقامت كل من الجهات بتشييع شهدائها وخصوصاً حركة امل وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، أما قائد المقاومة الشهيد القائد نعمة هاشم فقد اعيد الى بلدة الزرارية من مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت بعد التعرف على جثته بسبب التشويه المعتمد الذي الحقته قوات العدو الأسرائيلي بالجثة.
وأفادت المعلومات ان قوات الإحتلال كانت قد أسرت الشهيد نعمة هاشم أثناء حملتها الإرهابية الواسعة على بلدة الزرارية يوم الإثنين 11/آذار/1985 فاوثقته ونقلته الى خارج البلدة حيث أطلقت عليه قذيفة صاروخية مزقت جسده أشلاء ولم يعثر إلا على النصف الأعلى من جثته وقد بكته الزرارية بأكملها، وحينها اعترفت قوات الإحتلال بحادث تصفية الشهيد و قالت عبر إذاعتها إن بين قتلى الزرارية الإرهابي المسؤول عن عملية قتل الكولونيل عموشي في ارزي.
إضافة إلى أبناء البلدة وأبناء المقاومة اللبنانية _ الوطنية نعت قيادة الجيش مديرية التوجيه الجندي محمد قاسم مؤذن .
أثناء التشييع:
اتشحت الزرارية بالسواد واصطفت الألوف في الساحة العامة يرددون بصوتٍ واحد”الله اكبر”
وصل الموكب الذي انطاق من حسينية الصرفند الى بلدة الزرارية بعد اتصالات حثيثة أجراها الصليب الأحمر الدولي مع سلطات الإحتلال الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً.
والد الشهيد حسن حمود مروة يصيح “بدي ودع حسن… راح سند البيت؛ والدة الشهيد محمد علي مصطفى مروة تصرخ منحبة “خلوني ودع محمد.. راح العريس”
….وكما في لحظة ودقيقة وساعة ويوم في تاريخ شعبنا المقاوم .. اسم جديد يتعملق ويرتفع أقوى من كل الجبروت والطغيان والقوة الغاشمة …الزرارية ملحمة اسطورية جديدة في جهاد شعبنا المقاوم للإحتلال ومظاهره وافرازاته سطرت بالدم وارتفعت نجمة مضيئة في عتمة الوطن العربي المحتل لتؤكد ان ارادة المقاومين لا تلين وعزمهم على احقاق الحق لا يتكسر مهما بلغت قوة وحداثة الألة العسكرية الأميركية التي تستخدمها اسرائيل
هنا الجنوب … هي الزرارية … ليس بين العقاب والجريمة فاصل زمني… هنا الموت الكثير … هنا الدمعة التي تقاوم الفأس وتنتصر…