مستشفى السكسكية العام مكانك راوح .. والوزير حمد حسن: مصيرها مقرون بعمر الحكومة! | نظمية الدرويش
نظمية الدرويش
تطل الحاجة “أم خليل” من شرفة منزلها الكائن في السكسكية على المستشفى الذي جاورته منذ قدومها الى الحي عروسة وتعالج فيه ابنائها في التسعينات. المستشفى الذي كان يستقبل ابناء كل المناطق المجاورة للسكسكية والبعيدة نسبيا، افتتح وأقفل أكثر من مرة ثم ليُعاد تأهيله مرّات دون نتيجة تشفي غل الناس في منطقة الزهراني المحرومين من مستشفى حكومي على حساب ازدهار المستشفيات الخاصة في المنطقة. تعيش أم خليل كما غيرها من سكان المنطقة هاجس الموت على أبواب المستشفيات او عدم إيجاد سرير لاسيما وقد تمكنت عدوى الكورونا بالمجتمع المحيط بهم إلا أن حسرة أم خليل أكبر لأنها ترى بعينيها كل صباح المبنى الشاهد على هدر الدولة لأحلام الناس العادية وخيبتهم.
آخر هذه الخيبات كان في التأمل من زيارة وزير الصحة حمد حسن الشهر الماضي مستشفى السكسكية العام “المتروك” ، زيارة فجائية ودون موكب يُذكر ضمن خطة الوزارة لتأهيل مراكز علاج لفيروس كورونا في المناطق.
الزيارة التي لم تُنسق مسبقًا مع أيّ من الجهات البلدية أو مجلس إدارة المستشفى، اقتصرت على مدير مصلحة الصحة في الجنوب الدكتور جلال حيدر وعضو بلدية السكسكية الاستاذ علي برجاوي، الذين حضروا على عجالة، خطوة تقصّد فيها الوزير التحقق من حال المبنى عن قرب والبحث في إمكانية تجهيزه لاستقبال مرضى فيروس كورونا بعد بلوغ قدرة مستشفيات صيدا الاستيعابية حدها الاقصى ورفع الضغط عنها بعد تزايد عدد الاصابات في القضاء عموما وتجاوزه الثلاثمئة أسبوعيًا في بلدات اتحاد ساحل الزهراني وحده. وبعد معاينته المبنى المقفل، أبدى الوزير تأسفه للهدر الذي طاوله وذلك في اتصال هاتفي حيث قال ” جلت في أقسام المستشفى كافة وتبين أن المبنى بحاجة لترميم وتأهيل بنيته التحتية كاملة وغير قابل لتأهيل سريع “. وأشار حمد أن الحالة التي وصل إليها المستشفى مؤسفة جدا ولم يكن ليسمح ان تصل الى هذه الحال في عهده وأنه كان يمكن لهذه الزيارة أن تفضي الى حل لقضية المستشفى إلا أن واقع الأمر انها تحتاج لتمويل لا تستطيع الوزارة تأمينه خلال هذه الأزمة.
بناء عليه تخرج مستشفى السكسكية العام من خطة الحكومة لمكافحة فيروس كورونا حاليًا بفعل الاهمال الممنهج للحكومات المتعاقبة. إلا أن الوزير لم يقطع الأمل بالكامل وتحدث عن إمكانية تحويلها لمركز خدمات طبية. تحدث الوزير عن الخيارات المفتوحة للخدمات التي قد يقدمها مركز طبي يمثل حاجة ماسة لأهالي المنطقة في ظل غياب مستشفى حكومي يسعف أهالي المنطقة. وأضاف الوزير” النية موجودة ولكن أنا معتاد أن أعد ضمن الإمكانات والمسألة بحاجة الى الوقت وذلك مقرون بعمر الحكومة.”
تعود أصل المشكلة إلى وسطية منطقة الزهراني بين مدن اساسية ثلاث، صيدا النبطية وصور، وعدم امتلاكها لمركز مدينة على الرغم من مساحتها الكبيرة والتي يسكنها اكثر من ١٦٠ ألف لبناني غالبيتهم من ذوي الدخل المحدود ناهيك عن احتضانها لاكثر من ٣٢ الف لاجئ سوري وآلاف الفلسطينين بحسب رئيس إتحاد ساحل الزهراني الاستاذ علي مطر. كما وأكد مطر في اتصال هاتفي على ضرورة الاستفادة من المستشفى والسعي الدائم للاتحاد لمحاولة تشغيلها دون جدوى، مشيرًا إلى مطالبات ومساعي عديدة آخرها في آذار الماضي مع الصليب الأحمر الدولي دون نتيجة أيضًا. وشدد رئيس الاتحاد على أن حاجة المنطقة لاستشفاء حكومي لم تبدأ مع أزمة كورونا مع العلم أن الأخيرة لن تنتهي بعد شهر أو شهرين أو حتى بعد إكتمال أول مرحلة من التلقيح، وعلق بالقول” كان الاجدر بحل هذه القضية بالأمس قبل اليوم واليوم قبل الغد، فكما لم نتوقع أن نصل لهذه المرحلة قبل ثلاثة أو اربعة أشهر فإن المرحلة القادمة أشد وأسوأ”. المسؤولية الأكبر بحسب مطر تقع على “أحزاب المنطقة” الذين “لم نسمع صوتهم في إيصال قضية المستشفى” وقال أن “رئيس الاتحاد ليس نائبًا عن الأمة وملتزم بسلطة وصاية ومع ذلك قد قمت بواجبي ولكن نواب المنطقة هم الذين لا يقومون بواجبهم اتجاه منطقتنا لا بقضية المستشفى ولا بأي قضية أخرى.”
مركز خدمات شعاعية ومخبرية، مركز لغسيل الكلى، مركز تسليم أدوية، أو مأوى عجزة، جميعها خيارات تُفضّلها جهات محلية للاستفادة من المبنى على أن يُهدر، إلا أن مصادر بلدية مطّلعة أكدت لنا أن لا بوادر خير خصوصًا أنّ لا نيّة جدية لمصلحة الصحة في الجنوب لتشغيل المستشفى بحسب المصدر.