رفْع سعر الخبز يُشعل الغضب… الفقراء يأكلونه ناشفاً مع الشاي ومن دون سكّر
يلهب الغلاء جيوب اللبنانيين، يسرق ما تبقّى من طعام الفقراء، ويخطف من أفواههم لقمة عيشهم عنوة، ويطارد يوميات حياتهم ورواتبهم ومقوّمات صمودهم، وحتّى في رغيف خبزهم حيث نزل عليهم ارتفاع سعره كالصاعقة. وهاجس الغلاء لم يتوقّف عند هذا الحدّ، يتدحرج الى باقي المواد الاستهلاكية الأساسية ليشعلها ناراً، والناس متروكة لمصيرها والخشية أن يجدوا أنفسهم فجأة خسروا صحّتهم وحياتهم معاً، في ظلّ أزمة صحّية ومعيشية خانقة وجشع لا يرحم.
والغلاء في صيدا وخصوصاً في زمن الحجر المنزلي والإقفال العــام، يلقى صــدى احتجاجياً كبيراً، فالخبز بمفهوم الفقراء هو كلّ ما تبقّى لهم من قــوت، كثــير من العائلات المتعفّفة بات طعامها الخبز الناشف والشاي فقط، وفي بعض الأحيان من دون سكّر، لأنّ الغلاء أكل الأخضر واليابس وأفقدهم تدريجياً ملاذهم الآمن: المناقيش والبطاطا والبيض والفول والحمّص واللبنة والجبنة، ولم يترك لهم سوى معاناة الجوع والفقر والغضب الذي ينذر بانفجار اجتماعي وشيك.
وصدى غلاء ربطة الخبز وقبله الرز والسكّر والزيت وسواها يشعل غضب الصيداويين، بعدما جعلها كالبورصة ارتفاعاً في غالب الأحيان وارتباطاً بسعر صرف الدولار. ويقول محمد أبو العقدة الذي يبيع القهوة وسط ساحة النجمة لـ”نداء الوطن”: “انّها الضربة القاضية التي ستسقط الناس في الفقر المدقع والجوع، تحمّلنا الاقفال على أمل النجاة من “كورونا”، ومعاناة الجوع سعياً وراء الوصول الى برّ الأمان وتشكيل حكومة ومعالجة الأزمات المتتالية، ولكن للأسف وجدنا انفسنا نراوح في ذات المكان، بل نسير الى الوراء وعكس المنطق ونخشى جدّياً أن يتداعى ما تبقّى من الدولة”.
الدولة ذاتها، وصفها محمد حجازي بأنها باتت هيكلاً فارغاً، عظاماً بلا لحوم ودماء، تقف على عجز عند الأزمات، وعند أول رياح تسقط وتتناثر”، بينما أكّد علي الجعفيل لـ”نداء الوطن” أنّ “رفع سعر ربطة الخبز ولو قليلاً يعني الحرب على الفقراء، وبدلاً من أن تقوم الدولة بدعم الطحين كاملاً رحمة، تبرّر سبب الغلاء وهو غير مقبول ولا مبرّر، لقد انتفضت الناس سابقاً وعبّرت عن استيائها واليوم ستعيد الكرة حين تسمح الظروف الصحّية، انها تستشيط غضباً ولن ترحم أحداً”.
جشع وغشّ
والأنكى من الغلاء، الجشع والغشّ الذي يرافق الحجر والوباء، ولم يعد يقتصر على فقدان أصناف من المواد الاستهلاكية ولا الدواء ولا ارتفاع أسعارهما ولا حتّى الخضار والفاكهة، فقد شكا كثير من الصيداويين من الغشّ المبطّن، إذ تفاجأت غادة البطش بأنّ كرتونة البطاطا التي اشترتها مليئة بالتراب، حرصت على فرز البطاطا، وقالت: “وجدت فيها اكثر من ثلاثة كيلو من التراب والحجّة انها طازجة وقد قطفت حديثاً، وعندما أجريت عملية حسابية استنتجت أنّ كيلو التراب 2500 ليرة لبنانية وبلا فائدة، يعني ثلاثة كيلو من التراب في كرتونة البطاطا الواحدة ثمنها حوالى سبعة آلاف وخمسمئة ليرة لبنانية”.
بينما عبّر آخرون عن إستيائهم من عدم حصولهم على مرادهم من السوبرماركت عبر “الدليفري” اثناء تزوّدهم باحتياجاتهم اليومية في الحجر، تفاجأوا بأنواع بديلة حيناً أو بأخرى مختلفة كّلياً، أو بكمّية قليلة مع ارتفاع أسعار بعضها، وعدم تأمين بعضها الآخر، ولدى المراجعة ضاعت جهودهم سدى بين “خطأ غير مقصود” و”راح نراجع”، وفق ما يؤكّد هاشم سلوم الذي أضاف: “كثير منهم لا يقبل ايصال الطلبات الا اذا كانت تفوق المئة الف ليرة لبنانية، فهل ننتظر انتهاء الاقفال والحجر حتى نأكل؟ الأمر فوضى والأسعار “فلتانة” وراحت على الفقير”