بعد فرض ادارة ترامب عقوبات على مقام الإمام الرضا “ع” رسالة من الشيخ اسد قصير لجميع علماء الدين مسلمين ومسيحيين
سماحة العلامة الشيخ أسد محمد قصير.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وبارك على محمد وال محمد كما صليت وباركت على ابراهيم وال ابراهيم.
بدايةً: تحياتي لجميع علماء الدين من مسلمين ومسيحيين، وإلى المراقد والمشرفين عليها، ثم أنه لا يخفى عليكم ما قام به الرئيس الأمريكي السابق من وضع مركز ديني تاريخي عظيم في لائحة العقوبات وهو مشهد الامام علي بن موسا الرضا(عليه السلام)، أحببت أن اوجه إلى حضراتكم بشخصياتكم الحقيقية والحقوقية عرضاً مختصرا لهذا المركز الإيماني ودوره عبر قرون متماديه منذ تأسيسه إلى اليوم.
أولا: أن صاحب هذا المرقد الشريف من السلالة الابراهيمية التي اصطفاها الله عز وجل(۞ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰۤ ءَادَمَ وَنُوحࣰا وَءَالَ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَءَالَ عِمۡرَ ٰنَ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ)[سورة آل عمران اية 33]، وهو من الذين أشار إليهم القران الكريم (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ)[سورة ابراهيم اية 37] فهو من ذرية ابراهيم واسماعيل ومحمد (عليهم وعلى نبينا واله صلوات الله) وهو الامام الثامن من خلفاء النبي وأوصياءه وأسباطه وهو الذي اورثه الله الكتاب، وهو بإجماع كل الاديان والمذاهب كان أعلم الناس في زمانه، وعالم آل محمد، وأشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً وهدياً بجده محمد (ص) وهو بضعته كما في الحديث: ( تدفن بضعةٌ مني في خراسان) فهو ابن الامام علي(ع) صوت العدالة الاجتماعية، وابن السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ذات العطاءات الانسانية( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا )[سورة الانسان18]، وهو ابن الامام الحسين (ع) الثائر من أجل الحرية والعدالة، وابن زين العابدين(ع) صاحب الأدعية العرفانية، ومؤلف أول رسالة في الحقوق الانسانية، وابن الامام الباقر (ع)الذي بقر علوم الأولين والآخرين، وابن الامام الصادق (ع) صادق آل محمد ناشر المعارف الاسلامية والإيمانية، وابن الإمام الكاظم(ع) صاحب المثل الأعلى في التسامح والعفو، وفي كظم الغيظ، ومؤسس مدرسة الصبر، وهو الذي من صلبه الامام المهدي الموعود (ع) الذي سيملئ الأرض بالعدل والقسط ،ونشر المعرفة والنور والعدل لكل البشرية.
ثانياً : دور الإمام الرضا(ع) الحضاري.
فإنه عليه السلام قدم للعالم خدمات علمية وأخلاقية لاتحصى، وهو مؤسس حوار الحضارات والأديان والمذاهب ، ففي سنة ٢٠١ هجرية عندما جاء به الخليفة إلى خراسان طلب من المؤمنين تحويل الفتوحات العسكرية الى فتوحات معرفية، وجعل الحوار هو الحكم بين جميع الأديان، وطلب منه دعوة الكثير من العلماء من _ اليهود والنصارى والصابئة_ وحتى الملاحدة والزنادقة، وكان يناقشهم بإقامة الحجج والأدلة والبراهين بالتي هي أحسن، فهو لذلك مؤسس الحوار بين الحضارات، وكل ذلك في إطار من الاحترام والحرية وليس لهذا الانجاز أي مثيل عبر التاريخ.
ثالثاً: دوره العلمي في علم الفلك والطب والفلسفة والكلام والعلوم العقلية فضلا عن العلوم الدينية وغيرها، فقد نشر العلوم المختلفة تأسيسا للحضارة الإسلامية التي ما زال الناس يتمتعون بها إلى يومنا هذا .
رابعاً: احترام الكرامة الإنسانية، وثقافة التعامل بين البشر، ونشر ثقافة السلام والمحبة والتراحم، وتلاقح وتنوير العقول، وتقارب القلوب، بغض النظر عن العقيدة وكانت أمه من الأمازيغ.
خامساً: دور العتبة الرضوية، كان هذا المرقد من أهم المراكز الروحية تهوي أفئدة الناس إليه من سنة وشيعة ومسيحيين وغيرهم، فإلى هذا المكان يلتجئ المذنبون لتطهير القلوب وارتقاء النفوس في المراتب الروحية، فكان الكثير من العلماء يلتجئون بهذا المكان للوصال بالله والتوسل إليه، فهو من اهم المراقد العرفانية والروحانية بإجماع كل المؤمنين في العالم، وكان يزوره ويوصي بزيارته كبار علماء أهل السنة والجماعة كابن حبان وابن خزيمة.
والعتبة الرضوية وقفَ لها المؤمنون منذ مئات السنوات الكثير من الأراضي والمزارع بالإضافة إلى تبرعات الخيرين و نذوراتهم لما رأوا فيها من الكرامات الباهرات، وكان هذا المكان الشريف ملجأ ومأوى الفقراء والمساكين والمحرومين، ناشراً ومعيلاً للكثير من العوائل من الأديان والمذاهب المختلفة، وله سجل واسع بالعطاءات الجزيلة، لا يستند في تمويله الا إلى مصادره الذاتية، ولا يتلقى العون من أي جهة رسمية او دولية، ومن هنا فإننا نأمل منكم جميعاً استنكار ما قامت به الإدارة الأمريكية السابقة من وضع هذا المركز الإيماني الروحاني الإيماني ذي الدلالة الحضارية الكبيرة في لائحة العقوبات؛ لأن هذا العمل مخالف للقوانين الدولية فهذا المرقد مسجل في اليونسكو كأكبر معلم من المعالم الدينية بالإضافة إلى أنه ليس له أي نشاط ذي طابع سياسي، وما نقموا منه إلا لإشعاعاته الفياضة بالرحمة التي تعم الناس جميعاً، وليس له رسالة إلا نشر الحوار والوحدة بين المسلمين، وهو بيت من بيوت الله التي يذكر فيها اسمه، وما فعلته الإدارة الأمريكية السابقة قضية جديدة، وبدعة في العلاقات الدولية والنظام العالمي، ويُخشى أن تمتد إلى المعالم الدينية في العالم، وإننا نشيد بكم جميعاً للإنكار والشجب لعلهم يعقلو