الاستشارات ستحصل… والحريري سيُكلّف!
بعدما حصل التأجيل الاول للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس لتشكيل الحكومة، بهدف “معالجة الخلل الميثاقي في التكليف ومن ثم في التأليف وصولاً الى الثقة البرلمانية”، لم يعد بالامكان الدفع باتجاه تأجيل جديد لأن خريطة المواقف صارت واضحة ولا تحتاج الى مزيد من الوقت لتظهيرها اكثر.
وفي حين ان الكتل التي طلبت التأجيل الاول، تبيّن لاحقاً انها “فروع مستولدة من أصل”، اي ان “تكتل لبنان القوي” برئاسة جبران باسيل ارتأى ان يتحول فجأة الى ثلاث كتل، الاولى بزعامته والثانية بزعامة طلال ارسلان والثالثة بزعامة اغوب بقرادونيان، الذين اتصلوا دون سواهم بالرئاسة الاولى وطلبوا التأجيل، الا ان المشهد الراهن لا يسمح بتكرار السيناريو ذاته، ولن تمر عملية التكتم عن ذكر الكتل الراغبة بالتأجيل على احد، لذلك يلخص مصدر متابع للمسار الحكومي الايام الفاصلة عن يوم الخميس بقوله “الاستشارات ستحصل، والرئيس سعد الحريري سيكلّف، وعملية عض الاصابع لن تنفع، لان كل القوى السياسية مأزومة، ومن يتعاطى مع الحريري على انه مأزوم وفي موقف ضعف، عليه ان ينتبه الى ان الكل ضعفاء والكل مأزومون، وبالتالي الحريري ضعيف بين ضعفاء ومأزوم بين مأزومين”.
ويوضح المصدر لـ”نداء الوطن” ان “العمل الجدي على خط الحريري وباسيل يقوم به النائب اغوب بقرادونيان المتحمّس جداً لعودة الحريري الى رئاسة الحكومة، اما القنوات الامنية المعتادة على هذا الخط فليست ناشطة لاعتبارات عديدة من ابرزها حنق الثنائي الشيعي من الفاول الكبير الذي ارتكبه باسيل عندما وقف مانعاً الاستجابة لطلب عدم ضم مدنيين لوفد التفاوض حول الحدود الجنوبية، وهو طلب شخصي من الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله كرره لمرتين الاولى مباشرة عبر اتصال بالرئاسة الاولى والثانية عبر وسيط معتمد”.
ويقول: “ان الحريري يضمن من الثنائي الشيعي في عملية التكليف أصوات كتلة التنمية والتحرير برئاسة الرئيس نبيه بري، اما أصوات كتلة الوفاء للمقاومة فهي ليست مرهونة على الاطلاق بموقف الحليف العوني، انما في امكانية التوصل الى تفاهم قبل صبيحة يوم الخميس حول جملة من الامور ابرزها العشرة بالمئة التي لم يوافق عليها الحزب في الورقة الفرنسية ومنها مسألة زيادة الضرائب ورفع الضريبة على القيمة المضافة والخضوع الكامل لشروط صندوق النقد الدولي والخصخصة وتصغير حجم القطاع العام بما يؤدي الى ازمات اجتماعية جديدة، ولدى الحزب بدائل سبق وطرحها مع الحريري نفسه والآن تبحث بطريقة او بأخرى بهدف الوصول الى تفاهم بشأنها فاذا كانت النتائج ايجابية ستسمي الكتلة الحريري واذا كانت سلبية ستمتنع عن التسمية”.
ويضيف: “اما في استحقاق تأليف الحكومة فالمقاربة مختلفة كلياً، اذ اما ان يدخل الثنائي سوياً الى الحكومة او يخرج منها سوياً، وبالنسبة للحلفاء فان من يدافع عن مصالح باسيل في الحكومة هو رئيس الجمهورية الذي يمتلك ورقة التوقيع، اما حصة رئيس تيار المردة فمحفوظة سلفاً عند الحريري نفسه ولا داعي لكي يوسّط بري او الحزب ليتنزعها من براثن باسيل”.
ويؤكد ان “استشارات التكليف حاصلة يوم الخميس، واي اتجاه لتأجيلها مجدداً بهدف الوقوف على “خاطر تيريز” ستكون له تداعيات خطيرة على العهد وعلى ولي العهد بحيث سيعاد تحريك ملف العقوبات بقوة وهو اصلاً لم يجمّد او يصرف النظر عنه، وبالتالي سيحوز الحريري على الاصوات المطلوبة وسيتم تكليفه، ليبدأ جلجلة التأليف لأن النوايا واضحة وهي نقل الازمة من التكليف الى التأليف، وموقف فريق العهد واضح وهو كما ستأخذ بقية القوى السياسية حصتها سيأخذ باسيل حصته كرئيس لاكبر كتلة نيابية، وطالما الحريري هو الذي سيكلّف ومن ثم سيؤلّف بالتالي لا يمكنه التمسك بمقولة حكومة اختصاصيين كونه رئيس حزب سياسي، فاما ان تكون الحكومة رئيساً ووزراء اختصاصيين واما ان يصرف النظر عن ذلك”.
ويتخوّف المصدر من ان “نصبح ابتداءً من بعد ظهر الخميس، اي بعد التكليف امام سيناريو جديد، لان من يعتقد ان الداخل كما الخارج سيستمر في الصمت عن اعادة انتاج الطبقة السياسية محاصصتها غير آبهة بعامل الوقت الضاغط اقتصادياً ومالياً ومعيشياً، فهو مخطئ جداً، لان المشهد سيكون غير مألوف لجهة دخول البلاد في حال من الفوضى مقرونة بضغط دولي غير مسبوق”.