ثورة تشرين ربيع الفاشلين
بقلم المستشار في القانون الدولي الدكتور قاسم حدرج
تطفأ ثورة 17 تشرين شمعتها الأولى ولكنها ايضا قد تطفأ معها شعلة الأمل الوحيدة التي اضائتها والتي تعتبر الأنجاز الوحيد الذي تحقق على يديها والمتمثلة بأسترداد السلطة التنفيذية من يد طغمة الفساد وأقطاع العائلات ووضعها في يد الشعب اللبناني
بأدارة أحد أكفأ وأنزه ابناءه والذي اثبت منذ اليوم الأول بأنه مولود من رحم هذه الفئة المتطلعة الى الخروج من قمقم التبعية الى فضاء المواطنة وسرعان ما حمل صليبها وسار به على درب جلجلتها متحملا سياط جلاوذة كهنة المعبد الذين شعروا بأن القادم من عالم النور والمعرفة سيسفه احلامهم ويزيل عصابة الجهل عن أعين اتباعهم فكان ان طلبوا من الامبراطور الغربي ان يكون بارباس المجرم بديلا عن المخلص وها هو رغم الألم والجراح وتاج الشوك ورشق الصبية له بحجارة المقالات السامة والأتهامات الباطلة ما زال صامدا كالطود يأبى ان يستسلم او يستزلم ويلقي تعليماته على التلامذة والأتباع ويرسم لهم بدمه خارطة طريق المستقبل ويعطيهم أمثولة حية بأن الأماني لا تتحقق الا بالتضحيات الجسام ،كل هذا يحدث على مرأى ومسمع
من كانوا بالأمس ثوار يبحثون لهم عن قائد ومخلص وعندما وجدوه وبدأ بترجمة شعاراتهم الى افعال باعوه بأربعين من فضة اميركية وأعلنوا الطاعة لكهنة المعبد الذين اعلنوا التبرأ من الدين الجديد الذي يدعو الى التحرر من الصنمية والتحليق في فضاء الانسانية وبأن عليهم الألتزام بفرمانات المعبد والخضوع لخياراته
وأن اختاروا لهم المجرم بارباس واليا على رقابهم والا اعتبروا من المهرطقين وحق عليهم العذاب .
فأين أنتم ايها الثوار الأحرار من حكم السماسرة والكهنة والتجار
وها قد مضى عام اشتدت فيه الألأم بل وصدرت فيه احكام على اولادكم بالاعدام من محكمة المال والصحة والتعليم وما زلتم
واقفين كالأصنام فما بالكم لا تنتفضوا وتستنقذوا مخلصكم من يد الجلاوذة وتحيون أمل ثورتكم وهو زودكم بمرافعة مع الاف المستندات التي تمكنكم من محاكمة بارباس ومن خلفه من الكهنة
فيكفي ان تفتحوا صفحات انجازاته التي حققها على مدى ستة اشهر والتي سد خلالها الثقوب التي خلفها القبطان الذي قاد سفينتكم على مدى 15 عاما الى قاع محيط اليأس والأفلاس
ولولا مهارة واخلاص هذا الربان لكنتم الان طعاما للحيتان
الذين استمرأوا لحومكم الرخيصة على مدى عقود وانتم لستم بحاجة الى فضح ملفاتهم السوداء فيكفي ان تفتحوا سجلات نشاطات رئاسة الحكومة على مدى ستة اشهر خلت لتكتشفوا حجم الأعمال التي انجزت في هذا المدى الزمني القصير في مقابل الاهمال الذي اعترى هذه السرايا في الفترات السابقة فيما يخص المواطن بينما كانت شعلة نشاط في عقد الصفقات والسمسرات وتقاسم السرقات فمن يطلع على نشاطات السرايا اليومية والأجتماعات واللقاءات التي يعقدها الرئيس دياب يخيل اليه
بأنه قادم للتو الى السرايا وليس على وشك المغادرة فلا يترك مشكلة صغيرة ولا كبيرة الا ويتصدى لها رغم انعدام الأمكانيات
وعلى سبيل المثال لا الحصر فيما يتعلق بالشأن المعيشي تقديم عدة مشاريع قوانين واصدار مراسيم وتعاميم كلها تصب في خانة مساعدة المواطنين على مواجهة الأزمة المعيشية الخانقة وأخرها القرار الذي يقضي بصرف مئة مليار لبرة لبنانية وتسليمها الى الجيش اللبناني لتوزيعها على عشرة الاف عائلة تعاني اوضاع اقتصادية خانقة واصداره توجيهات فورية لمسح اضرار انفجار طريق الجديدة والتعويض على المتضررين ودفع بدل ايواء كما واعتبار المفقودين في انفجار بيروت شهداء وصرف تعويضات لهم وتسريع المحاكمات والأهتمام بأوضاع المساجين وملاحقة مافيا الدواء ومعارضته الشديدة لموضوع رفع الدعم عن السلع
الأساسية وتقديم بدائل اخرى بعيدا عن جيب المواطن المثقوب اصلا وفي الشأن السياسي كان الرئيس دياب من أول الداعمين للمبادرة الفرنسية والداعي الى الأسراع بتشكيل حكومة انقاذية
برئاسة مصطفى أديب وهو مستمر بعقد اللقاءات الضرورية مع سفراء الدول الكبرى وحثهم على مساعدة لبنان وتفعيل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ومتابعة عملية التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان كما يقوم بالتوقيع تباعا
على مراسيم التعيين للناجحين في امتحانات الخدمة المدنية
وفتح اعتمادات مالية لتغطية احتياجات الدفاع المدني .
فتخيلوا ايها السادة لو ان الرئيس دياب لا يرأس حكومة تصريف اعمال في بلد عانى عقودا من النهب والأهمال وتمتلىء خزينة مصرفه المركزي بمئة وسبعون مليارا من الودائع النقدية ويداه مطلقة بالتصرف كما كانت يد من سبقه فهل تتخيلوا ماذا كان بأمكانه ان يفعل ولكن اين هي الأقلام التي تخط بحبر الحقيقة
لكي تسطر ما يفعله دياب دقيقة بدقيقة وكيف يسير بين الغام
الدولة العميقة التي اتعبها صمود دياب فتسللت اصابعها لتشعل في المرفأ حريقة لتجبره على القفز من المركب فقد ضاق ذرع
شريكها وهو يراقب السرايا من الحديقة وكيف ان ساكنها الجديد يدافع من موقع الوطنية عن الصلاحية في حين ان من حارب بهذا السيف على مدى عقود كان يبحث عن مكاسب شخصية وهو منشغل في ترجمة المبادرة الفرنسية الى اللغة الحريرية بينما دياب المغادر يدافع عن الموقع من بوابة الحدود البرية والبحرية وبأن الكرسي الثالث هو شريك رئيسي في انتزاع حقوق الوطن لا الطائفة ولكن وكما قلنا اين هي هذه الأقلام الحرة التي تعطي كل ذي حق حقه وقد قيل في الأمثال اطلق الرصاص على خصمك في قلبه ولكنه أعطه حقه ولكننا في لبنان كما نطلق الرصاص العشوائي نخط الكلام الغوغائي والقلم في يد الجاهل كالخنجر في يد الطفل يجرح عقول الأبرياء .
فيا ثوار تشرين اسمحوا لي ان أقول انكم فاشلين ولم تحسنوا استغلال الفرصة الماسية التي واتتكم بحيث اصبحتم داخل السرايا الحكومية وقد تشكلت حكومة من رحم ثورتكم وأبصر مولودها النور من مخاض الامكم ولكنكم قذفتموه في اليم وأودعتموه قصر فرعون وتبرأتم منه بدلا من ان تدعموه وتكونوا سيفه ودرعه
لكي يخوض معركتكم فكنتم وللأسف مجرد متفرجين ترافقونه
الى موضع الصلب بأنتظار ان يعود بارباس ليولى عليكم
ولكن الأوان لم يفت بعد ولتكن ذكرى ثورة 17 تشرين فرصة لتصحيح الخطيئة التي ارتكبتموها وليكن شعاركم منذ هذه اللحظة
لا للعودة الى الوراء لا لحكم الزعماء ولن نرضى برئيس للوزراء الا دياب او من هم من مدرسة دياب والا فلا تبكوا بعد اليوم متى حل بداركم الخراب .
وفي الختام نقول لحملة اقلام السؤ اتقوا الله فيما تخطون وليضع كل منكم هذا البيت أمام ناظريه قبل ان يستخدم قلمه في تزوير الوقائع وقلب الحقائق :
كفى قلم الكتاب مجدا ورفعة
مدى الدهر أن الله أقسم بالقلم