تشكيل الحكومة سيكون سريعاً على وقع الضغوط الفرنسية .. التصور الأولي حكومة من 14 وزيراً
على وقع اقفال لبنان لمئويته الأولى اليوم في احتفال يقام في قصر الصنوبر يحضره الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وحشد من الشخصيات السياسية، بدا ان المشهد السياسي اللبناني بات يتخذ منحى مختلفاً مع تسمية مصطفى أديب لتشكيل الحكومة المقبلة، وكأن ضوءاً أخضر خارجيا أعطي للجميع للانطلاق بحكومة جديدة تلبي طموحات اللبنانيين وتؤدي الى الاصلاح المنشود.
وهذا يعود الى وجود علامات فارقة بين أديب ودياب لا سيما في عملية تكليف كل منهما، لعلّ أبرزها داخلياً التغطية السنية التي حظي بها الرئيس المكلف الجديد، وخارجياً الغطاء الفرنسي الذي مُنح لتكليفه، إلى حد اعتبار تسميته “حصلت في قصر الإليزيه وما حصل في قصر بعبدا كان مجرد “بصم” على هذه التسمية” وفق تعبير مصادر سياسية مواكبة لـ”نداء الوطن”، واصفةً الحكومة العتيدة التي كُلف أديب بتشكيلها بأنها “حكومة إيمانويل ماكرون التي أرادها بمثابة حكومة “تنفيذ مهمات” مطلوبة دولياً في المرحلة اللبنانية الراهنة لتقطيع الوقت و”القطوع” الذي بدأ يُنذر بزوال لبنان كما كان قد حذر حرفياً وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان” عشية وصول الرئيس الفرنسي إلى بيروت لرعاية احتفالية المئوية الأولى للبنان الكبير.
الاستشارات غير الملزمة غداً
ويبدأ الرئيس المكلف غداً، في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة (بسبب الاضرار التي أصابت المجلس النيابي، بعد انفجار المرفأ) الاستشارات مع رؤساء الكتل النيابية، على ان تنتهي بأسرع ما يمكن، تمهيداً لبدء رحلة التأليف.
وتوقعت مصادر مواكبة وللقاءات السياسية أن تكون الحكومة العتيدة المرتقب تشكيلها مؤلفة من اربعة عشر وزيرا كما تم التفاهم المبدئي عليها في المشاورات والاتصالات التي جرت لاختيار الرئيس المكلف،على ان يتم إختيار الوزراء من شخصيات مشهود لها بالنجاح والمهنية في عملها بالقطاع الخاص وليست محسوبة على أي جهة اوحزب سياسي وفي الوقت نفسه لا تكون مستفزة لاحد. وكشفت المصادر النقاب عن التداول بأسماء بعض الوزراء الا ان الإختيار قد يكون يفاجئ كثيرين لان الإختيار سيكون على اساس الاختصاص اي لن تسند اي حقيبة لغير اختصاص صاحبها كما كان يحصل سابقا. وإذ اشارت إلى ان من الأسماء المطروحة رائد شرف الدين للمالية، سامر سعادة للاتصالات مروان زين للداخلية الا ان تبديلات محتملة قد تحصل في ضوء التفاهمات السياسية وسط تجاذبات بين أكثرية 8 آذار، حول عدد من الوزارات، كالطاقة والصحة، مع الإشارة إلى ان اللقاء الديمقراطي يتجه إلى عدم المشاركة في الحكومة.
وتوقعت المصادر ولادة الحكومة، في وقت لا يتعدى العشرة أيام، لتملأ الفراغ في مرحلة انتقالية، تمتد إلى ما بعد الانتخابات الأميركية ولا تتجاوز العام الحالي.
وبحسب المعلومات لصحيفة “الأخبار” هناك إصرار فرنسي على وضع بعض الوزارات في عهدة اختصاصيين غير حزبيين، كالطاقة والاتصالات والأشغال العامة والعدل والصحة والمالية. وحتى اللحظة، يبدو أن التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل موافقون على فكرة التخلي عن حقائب باتت “مطوّبة” لقوى محددة (مثال الطاقة والتيار الوطني الحر).
المباردة الفرنسية تابع..
ومن على متن الطائرة الفرنسية التي أقلت ماكرون والوفد المرافق إلى بيروت، نقلت الزميلة رندة تقي الدين عن مصادر الرئاسة الفرنسية تأكيدها لـ”نداء الوطن” أنّ الرئيس الفرنسي على اطلاع بما يجري في لبنان من مشاورات على الصعيد السياسي “ومتطلباته تشكيل “حكومة مهمة” تكون فعالة ونزيهة وقادرة على تنفيذ الإصلاحات التي تمكّن لبنان من الحصول على دعم قوي”، مضيفةً: “الرئيس ماكرون ليس ذاهباً إلى بيروت للتوصل إلى اتفاق بين الأحزاب بل للحصول على التزام واضح وفعّال في إطار العقد الجديد الذي عرضه خلال زيارته السابقة، وهو سيكون حريصاً على أن تأخذ الالتزامات التي ستنفذ بعين الاعتبار متطلبات الشعب اللبناني”. وختمت مصادر الرئاسة الفرنسية: “رئيس الحكومة السابق سعد الحريري سمى شخصية لا تنتمي إلى حزب سياسي ما يعني أنه أدى دوره من هذا العقد، وبعد ذلك سنرى. الوضع (اللبناني) بالغ الصعوبة والرئيس الفرنسي لن يكتفي بتعيين رئيس للوزراء إنما ينتظر تشكيل حكومة فاعلة تنفّذ الاصلاحات”.
الى ذلك، سلكت المبادرة الفرنسية طريقها الذي رسمته باريس، فتكللت باختيار سفير لبنان في ألمانيا، مصطفى أديب، رئيسا للحكومة بـ 90 صوتا، ليكلفه رئيس الجمهورية ميشال عون عقب ذلك بتأليف الحكومةعلى ان تستتبع في الايام المقبلة، كونها تنص، بحسب “الأخبار” في الخطوة المقبلة على تأليف سريع للحكومة، وهو ما تعهّدت به الكتل الكبرى في مجلس النواب، مع اختيار شخصيات غير مستفزة للجمهور، وغير مشتبه فيها بقضايا الفساد، إضافة إلى عدم حصر أي حقيبة بأي حزب سياسي. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي وصل إلى بيروت أمس، وزار السيدة فيروز في منزلها واستقبل الرئيس سعد الحريري في قصر الصنوبر، سيدفع باتجاه تأليف حكومة سريعاً، علماً بأنه يحمل ما يشبه «بياناً وزارياً»، يتضمّن «خطوات إصلاحية» في أربعة بنود: القطاع المصرفي، الكهرباء، مناقصات الدولة، وقانون مكافحة الفساد. وبحسب مصادر سياسية رفيعة المستوى، من المنتظر أن يشدّد ماكرون على هذه البنود في لقائه ممثلي الكتل السياسية الثمانية (المستقبل، التيار الوطني الحر، حركة أمل، الاشتراكي، المردة، حزب الله، القوات، الكتائب) في قصر الصنوبر اليوم. وحتى يوم أمس، كانت مختلف القوى السياسية الرئيسية تعد بتسهيل المهمة أمام الفرنسيين، وبتقديم ضمانات لرئيس الحكومة المكلّف، وطمأنته لجهة أسماء الوزراء وتوزيع الكتل الوزارية.
مبادرة لباسيل
في المقابل، وبحسب مصادر بارزة في التيار الوطني الحر، سيقدّم رئيس التيار جبران باسيل، في اجتماع قصر الصنوبر اليوم، “مبادرة متكاملة” من نحو 20 بنداً، تتضمن شقاً سياسياً – دستورياً حول الدولة المدنية والمواضيع الخلافية مثل الاستراتيجية الدفاعية وحياد لبنان، وشقاً اقتصادياً – مالياً يتضمن حزمة من الاصلاحات والقوانين المالية يمكن ان تشكل خطة عمل تلتزمها الحكومة وتلتزم تنفيذها ضمن جدول زمني محدد”. وأوضحت المصادر أن التيار “يريد أن يلاقي زيارة ماكرون بهذه “الورقة” التي تم التشاور في شأنها مسبقاً مع كل من حزب الله وحركة أمل والرئيس سعد الحريري، على ان تشكّل التزاماً لبنانياً يلتقي مع الالتزام الفرنسي، وعبره الالتزام الدولي، لانتشال لبنان من الهاوية”.