بعد الأنفجار الهائل… مرفأ بيروت يستعيد 75% من قدراته التشغيلية
بعد الانفجار الكبير الذي هز مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب الجاري، بدأت التساؤلات بشأن الحلول البديلة نتيجة تعطل عمل المرفأ، في ظل وجود ثلاثة مرافئ أخرى في لبنان، هي مرافئ طرابلس وصيدا وصور، لكن بصورة غير متوقعة، يبدو أن مرفأ بيروت استعاد سريعا جزءا كبيرا من قدراته التشغيلية، بعد أسبوع واحد من وقوع الانفجار.
هذا ما يشير إليه المدير المؤقت لمرفأ بيروت باسم القيسي -الذي جرى تعيينه بدلا من المدير الموقوف في قضية التفجير حسن قريطم للجزيرة نت- بأن مرفأ بيروت استعاد رسميا ما يقارب 75% من قدرته التشغيلية
وقال القيسي “ينقسم مرفأ بيروت إلى قسمين، قسم محطة حاويات، وقسم آخر للبضائع العامة، ونتيجة التفجير تعطلت في محطة الحاويات ثماني رافعات من أصل 16 رافعة تقوم بنقل البضائع، وجرى تأهيل خمس رافعات، ما يعني أن مرفأ بيروت استرجع 80% من هذه الرافعات”.
كذلك، جرى تنظيف وتأهيل الأرض التي تخزن الحاويات، وهي صالحة للاستعمال هندسيا، واليوم محطة الحاويات جاهزة لتعمل بقدرة تشغيلية 80%، ويوم الجمعة المقبل تصل القدرة التشغيلية في المرفأ إلى 100%، وهو تقدم كبير في فترة قصيرة، بحسب وصف القيسي، بمجهود ذاتي من موظفي المرفأ وبإشراف مجلس الإدارة الذي يترأسه.
وتبلغ مساحة مرفأ بيروت الإجمالية مليونا و200 ألف متر مربع، كما تبلغ مساحة المسطح المائي مليونا وألفي متر مربع، كذلك، يتألف من أربعة أحواض، يصل عمقها إلى نحو 24 مترا، مع 16 رصيفا، وأربعة مستودعات للبضائع العامة بمساحة إجمالية تتجاوز 25 ألف متر مربع، مع ستة مستودعات تبلغ مساحتها نحو 5231 مترا مربعا، مخصصة لعمليات التجميع والسيارات وبضائع أخرى.
استعادة العمل بالمرفأ
بعد وقوع الانفجار، استطاع مرفأ بيروت أن يستقبل أول باخرتين يوم الاثنين الماضي، وفرغ 420 حاوية، وهناك باخرتان في طريقهما إلى المرفأ، وفق القيسي.
ويشير القيسي إلى أن محطة البضائع العامة في مرفأ بيروت، كانت الأقرب لمكان التفجير، مقابل الحوض الثاني والثالث، ورغم ذلك، تم تأهيل بعض الشاحنات (الأوناش) الكبيرة التي تفرغ البضائع العادية، والتي تبلغ طاقتها نحو 350 طنا، ما يعني القدرة على استقبال أي نوع من البضائع.
ومن المفترض وصول باخرة قمح وباخرة حديد أمس الأربعاء إلى مرفأ بيروت، على أن يكون التفريغ مباشرا من الباخرة إلى متن الشاحنات، كما جرى تنظيف كل الباحة المواجهة للرصيف رقم 12، وأصبحت جاهزة لتخزين البضائع فيها، مثل الحديد والسيارات والخشب، أما القمح، فيفرغ مباشرة في الشاحنات، ويتجه لمطاحن الدقيق حفاظا على الأمن الغذائي.
وفي السياق نفسه، جرى تأهيل عدد من الموازين ومدها بالكهرباء، بهدف العمل بصورة طبيعية مع نهاية هذا الأسبوع، وقال القيسي إن “الجزء المحاذي للإهراءات (صوامع القمح)، ولغاية المنطقة رقم 3، ستبقى محظورة في المرفأ تحت تطويق الجيش اللبناني، لأن عمليات المسح والبحث عن أشلاء وجثث ما زالت مستمرة، وهذه المنطقة نتوقع ألا تفتح إلا حين انتهاء التحقيقات القضائية في شأن التفجير الكبير”.
مؤازرة المرافئ
كان من المفترض أن تصل إلى مرفأ بيروت باخرتا قمح يوم الأربعاء، لكنهما توجهتا إلى مرفأ صيدا، وذلك ضمن إطار “خطة التكامل بين المرافئ” التي وُضعت في وزارة الأشغال العامة والنقل اللبنانية، تأمينا لانتظام حركة الملاحة التجارية بعد انفجار مرفأ بيروت.
لكن رئيس لجنة الطاقة والأشغال النيابية نزيه نجم، يعتبر أن مرفأ بيروت لم يعد بحاجة لمؤازرة كبيرة الحجم، بعد استعادة نحو 80% من قدرته التشغيلية.
وقال للجزيرة نت “يمكن القول إن مرفأ بيروت في مجال الحاويات عاد للعمل بإمكاناته شبه الكاملة، والمرافئ الأخرى مثل مرفأ طرابلس وصور وصيدا، تعمل بشكل طبيعي، وقد تؤازر فقط في بعض الأمور التي تحتاج للتخزين”.
ويشير نجم إلى أن مرفأ طرابلس الذي يمتد شمالا باتجاه سوريا هو الأقوى بعد مرفأ بيروت، غير أن الأولوية تبقى لمرفأ بيروت، نظرا لموقعه ووجوده الإستراتيجي في العاصمة.
لكن رئيس إدارة محطة الحاويات في طرابلس أنطوان عماطوري، يختلف مع نجم ويعتبر أنه ثمة مشكلة أساسية في البنية التحتية لمحطة الحاويات في مرفأ بيروت، في الأرض والبحر، إذ لا يمكن التسرع بالعمل 100% قبل الكشف الدقيق على هذه البنية التحية، التي قد تكون تأثرت من قوة الانفجار.
وأضاف للجزيرة نت “قبل التسرع في العمل تحتاج محطة الحاويات في مرفأ بيروت إلى فحوص لازمة، وعملية مسح واسعة وتنظيف للبحر، ولا بد من الاستناد حاليا إلى محطات الحاويات في المرافئ الأخرى”.
فور انفجار مرفأ بيروت تأهب مرفأ طرابلس لمساندته وسد الفراغ الذي تركه (الجزيرة)
مقابل ذلك، يستمر مرفأ طرابلس شمال لبنان بمشروعه التوسعي، ولا سيما أنه كان يتحضر تقنيا ولوجستيا للمساهمة مستقبلا في إعادة إعمار سوريا، بحسب ما أفاد مدير مرفأ طرابلس أحمد تامر للجزيرة نت.
وقال تامر إنه فور انفجار مرفأ بيروت، تأهب مرفأ طرابلس لمساندته وسد الفراغ الذي تركه، وقد استقبل سبع سفن كانت متجهة إلى مرفأ بيروت، وجرى تفريغ حمولتها التي تضم بضائع مختلفة.
وأضاف “نسعى لرفع الساعات التشغيلية في مرفأ طرابلس إلى 24 ساعة، وهو يستقبل سنويا مليوني طن، بينما قدرته الاستيعابية تصل إلى خمسة ملايين طن، ويستقبل نحو 80 ألف حاوية سنوية وهو قادر على استقبال 300 ألف حاوية، ويصل عمق رصيف الحبوب في مرفأ طرابلس إلى نحو 15 مترا، ما يعني أنه يملك القدرة الكاملة للتكامل مع مرفأ بيروت بما يحتاجه”.
ويدعو تامر لبناء صوامع قمح في مرفأ طرابلس، على مساحة مجهزة تبلغ 36 ألف متر مربع، كي لا يبقى لبنان من دون إهراءات (صوامع)، مما يهدد أمنه الغذائي.
المصدر : الجزيرة