رحلة العذاب مع كورونا روتها مريم قبيسي .. حين يصبح العلاج حلماً
تفاصيل رحلة الألم والعذاب مع الفيروس المستجد، روتها مريم قبيسي من خلال مقطع فيديو، أرادت من خلاله أن تتحدث عن تجربها، علّ المستهترين بالوباء الذي يضرب العالم يتعاملون معه بجدية. حاولت ابنة بلدة أنصار الجنوبية أن تنقل صورة ولو بسيطة عن معاناة تطول على مدى أيام خلال مصارعة فيروس لا يرحم.
أوجاع لا تُحتمل
مريم التي قصدت فرنسا قبل ثلاثة أشهر لتعاود الاستقرار فيها كونها ولدت في الاغتراب، قبل أن تعود إلى وطنها لمدة عشر سنوات، شرحت لـ”النهار” كيف أصيب ابنها البالغ من العمر خمس سنوات: “بدايةً ارتفعت حرارته لثلاثة أيام، لم يعد بإمكانه المشي جيداً، ليستعيد بعدها عافيته لثلاثة أيام، ليعود وينتكس وضعه الصحي لمدة خمسة أيام مع أوجاع في كل جسده وتوقُّف شهيته، بعدها انتقلت العدوى إلى والدتي البالغة من العمر 62 سنة، ومن ثم إليَّ وإلى ابني البالغ من العمر 10 أشهر وشقيقتي كوننا نسكن في منزل واحد”، وأضافت: “لا كلمات يمكنها التعبير عن حجم الألم وتدرجه، حيث شعرت بداية بأوجاع قوية في المفاصل والعظم وكأني أُضرب بمطرقة على كامل أنحاء جسدي، حرارتي كانت 38 درجة ونصف الدرجة، رعشة وبرديّة، ثم سعال جاف ووجع في البلعوم وكأنه كتلة من الشوك، إلى درجة أن الدم كان يخرج منه، وبعد يومين بدأ يخرج القيح منه، هنا بدأ الاختناق، حيث كنت أتنفس بصعوبة جداً، أحسست أن بيني وبين الموت لحظات”.
استفحلت عوارض الفيروس بمريم وأسرتها “إسهال، وجع بطن، التهاب في الرئتين، تعب ووهن جسدي، لم أكن أقوى على النهوض من السرير، مررت وعائلتي بعشرة أيام صعبة جداً”، ولفتت إلى أنه “يُرفض استقبال المرضى في مستشفيات فرنسا إلا إذا كان نقص الأكسجين لدى المريض قد وصل إلى 80 في المئة لعدم وجود أماكن كافية، وكون الكادر التمريضي والطبي لا يكفي، لذلك رُفِضت وعائلتي، وبقينا في المنزل إلى أن تخطينا المرحلة”، لافتة إلى أنه “اتصلت عدة مرات بالإسعاف لكي ينقل شقيقتي التي عانت إلى درجة كبيرة، من دون أن ألقى آذاناً صاغية من أحد”، وعما إن كنت قد علمت من أين التقط ابنها العدوى، أجابت: “حينها كان يذهب إلى المدرسة، لم نكن قد وصلنا إلى مرحلة الحجر المنزلي، كنا نخرج من المنزل”.
سلاح محاربة الفيروس
لا علاج يمكن للمريض أن يأخذه، بحسب ما قالته مريم، وعليه تناول الفيتامينات لتقوية جهاز مناعته، “لذلك كنت أشرب يومياً ما بين 5 إلى 6 أكواب من الزهورات، الزنجبيل، القرفة، الكركم، وشوربة الدجاج لعدم جفاف الجسم، إضافة إلى شرب الكثير من الماء الفاتر كون الفيروس يموت على الحرارة المرتفعة، كما كنت أتمخمض كل ساعتين بالماء الفاتر مع ملح خشن وخل التفاح، وكنت أغلي الماء وأضع فيه كينا لاستنشاقه، مع أكل البصل والثوم المفيدان لجهاز المناعة”.
درس الحياة
“كم من الصعب أن يشعر الإنسان أن بينه وبين الموت خطوة، مليون فكرة كانت تخطر في رأسي، مثلاً: إذا كان ولديّ سيعودان إلى لبنان من دوني، أو في ما سأضطر إلى تركهما في المنزل والتوجه لتلقي العلاج في المستشفى”، قالت مريم، لتضيف: “حتى بعد شفائي وعائلتي من الفيروس إلا أن آثاره لا تزال من خلال بعد العوارض، فمثلاً والدتي تعاني من وجع في الرأس وأنا من الإسهال”، وختمت: “بعد الذي حصل قررت العودة إلى لبنان لإكمال ما تبقى لي من العمر فيه إلى جانب زوجي وعائلتي، فقد تعلمت من تجربتي أن لا شيء أهمّ من الصحة، وأنه في أي لحظة يمكن أن نفقد فيها حياتنا أو عزيزاً، لذلك فلنحافظ على أنفسنا وعلى أحبابنا من خلال البقاء في المنزل إلى حين الانتهاء من الكارثة التي ضربت العالم”.